مقدمة البحث:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير المرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إن مهمة أصحاب الفكر والقلم أن يسعوا بفكرهم وأقلامهم في بناء الأمة، ورسم خطى النهضة والعزة لها، والمسلمون اليوم يمرون على مفترق طرق: فإمّا طريق الذوبان الثقافي والحضاري في الثقافات الأخرى، وخاصة الثقافة الغربية، وإمّا طريق الأصالة والعودة إلى الهوية الإسلامية، وسلوك الطريق الثاني لا يعني الإعراض عن الجوانب الإيجابية في الثقافات والحضارات الأخرى.
ويأتي بحث(الشورى.. ومعاودة إخراج الأمة) ليكون لبنة من لبنات البناء والتوجيه للأمة في هذه الفترة الحرجة في حياة الأمة، يحاول هذا البحث أن يرسم طريق النهضة والعزة من خلال العودة بالأمة إلى مبدأٍ أصيل من مبادئها، وهو مبدأ الشورى.
إن الأمة في حاجةٍ إلى إحياء المبادئ الأصيلة، حتى تعود هذه المبادئ نابضة بالحياة والفعالية في حياة الأمة، وحتى تقوم النهضة على أساس الاعتزاز بتلك المبادئ.
إن الاكتفاء بتقليد النظم المستوردة كالديمقراطية وغيرها قد عطّل إحياء تلك المبادئ والأصول الإسلامية، وأصبح البعض يظن أن إحياء الأصالة الإسلامية مجرد عمل تكميلي وتجميلي، والحقيقة إن ذلك العمل يعد ضرورة ملحة وعاجلة، ويستلزم جهداً أكبر وفكراً أعمق.
لقد استهواني وجذبني عنوان البحث، منذ أن اطلعت عليه، وعزمت على الكتابة فيه، مساهمة في تحقيق الهدف النبيل، وهو عودة الأمة إلى الشورى وإلى مبادئها الأصيلة.
تطرقت في هذا البحث إلى مسائل مهمة تتعلق بالشورى وقيمها وأهميتها وارتباطها بالنهضة والتنمية الحضارية، كما عالجت فيه مسائل شائكة كثر فيها الخوض كقضية الإلزام والإعلام في الشورى، ومسألة عضوية المرأة في مجلس الشورى، وحقها في الانتخاب..، وتطرقت إلى التجربة التاريخية للأمة في مجال الشورى، والأسباب التي أدت إلى تعطيل الشورى في حياة وتاريخ الأمة، وكيف واجهت الأمة هذا الانحراف، ثم تجربة انتقال الديمقراطية إلى العالم العربي فكراً وممارسة، ثم عقدت مقارنة بين الشورى والديمقراطية مبيناً أوجه الاتفاق وأوجه الخلاف وإمكانية التجانس بينهما، وأخيراً طرحت رؤية مستقبلية ذكرت فيها خطوات تمهيدية للعودة بالأمة إلى الشورى.
وتكونت خطة البحث من فصل تمهيدي وخمسة فصول أساسية، على النحو التالي:
*الفصل التمهيدي، ويشتمل على المباحث التالية:
1- تعريف الشورى.
2- مشروعية الشورى وحكمها.
3- فوائد الشورى وأهميتها في الحياة الإسلامية.
4- الشورى في التجربة الحضارية الإسلامية.
5- الشورى طريق التنمية الحضارية.
6- الشورى بين شرعية المبدأ ومرونة التطبيق.
*الفصل الأول:(أهل الشورى). ويشتمل على المباحث التالية:
1- من هم أهل الشورى.
2- شروط أهل الشورى.
3- عضوية المرأة في مجلس الشورى.
4- طريقة اختيار أهل الشورى.
*الفصل الثاني:(قيم الشورى وبرامجها وآلياتها). ويشتمل على المباحث التالية:
1- قيم الشورى.
2- مجال الشورى(اختصاصات مجلس الشورى).
3- الشورى بين الإلزام والإعلام.
*الفصل الثالث:(أزمة الشورى في حياة الأمة). ويشتمل على المباحث التالية:
1- أسباب تعطيل الشورى في حياة الأمة.
2- مظاهر تعطيل الشورى في حياة الأمة.
3- مواجهة الانحراف عن الشورى.
*الفصل الرابع:(الديمقراطية والعالم العربي). ويشتمل على المباحث التالية:
1- الديمقراطية(تعريفها وبيان أسسها).
2- انتقال الديمقراطية إلى العالم العربي.
*الفصل الخامس:(بين الشورى والديمقراطية). ويشتمل على المباحث التالية:
1- تميز الشورى الإسلامية على الديمقراطية الغربية.
2- أوجه الخلاف بين الشورى والديمقراطية.
3- أوجه الاتفاق وإمكانية التجانس بين الشورى والديمقراطية.
*المبحث الأخير:(رؤية مستقبلية حول كيفية العودة إلى الشورى).
*خاتمة البحث.
وقد بذلت جهدي في إخراج هذا البحث، وقرأت واطلعت على العديد من المراجع والكتب بلغت أكثر من مائة وخمسين مرجعاً.. أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بأيدينا للعروة الوثقى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الفصل التمهيدي
المبحث الأول:تعريف الشورى:
أصل كلمة الشورى في اللغة يطلق على معنيين أساسيين، وهما: إظهار شيءٍ وعرضه، واستخراج شيءٍ وأخذه(1).
فمن الأول تقول: شُرْتُ الدابة شَوْراً أي: عرضتها للبيع.
ومن الثاني تقول: شُرْتُ العسل أَشُوره أي اجتنيته واستخرجته من موضعه(2).
فأصل الشورى: الاستخراج والإظهار.
وأما تعريفها في الاصطلاح، فهناك عدة تعريفات، أبرزها ما يلي:
1- هي:(استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض)(3).
وهذا التعريف شامل لجميع أنواع الشورى، فهي عملية استخراج للرأي، أي رأي كان من أمور السياسة أو من أمور الأحكام الدينية أو من أمور الأسرة والاجتماع.
2- وعرفت بأنها:(الاجتماع على الأمر ليستشير كلُّ واحد منهم صاحبه ويستخرج ما عنده)(4).
وهذا التعريف فيه شمول وعدم تخصيص، كما أنّ فيه إشارة إلى وجود مجلس يجتمع فيه المتشاورون.
3- وعرفت بأنها:(استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل لى أقرب الأمور للحق)(5).
وهذا التعريف يصدق على نوع من أنواع الشورى وهي الشورى الفنيّة الخاصة باستشارة أهل الرأي والخبرة.
4- وعرِّفت بأنها:(استطلاع رأي الأمة أو من ينوب عنها في الأمور المتعلقة بها)(6).
ويتميز هذا التعريف بأنه:
جعل الشورى حقّاً للأمة كلها سواء ظهرت بصورة مباشرة كاشتراك جميع أفراد الأمة في إظهار آرائهم، أو بصورة غير مباشرة عن طريق نوابها وممثليها.
وجعل الشورى في جميع الأمور المتعلقة بمصالح الأمة سياسية واقتصادية واجتماعية وحربية وغيرها.
والكلام في الشورى يشمل نوعين:
الأول: الشورى العامة التي يمارسها المجتمع المسلم في كل دائرة، كالشورى في الأسرة، وفي المؤسسات والشركات والأعمال المختلفة، ويصدق عليها التعريف الأول والثاني.
الثاني: الشورى الخاصة التي تعدُّ أساساً من أسس النظام السياسي في الإسلام، ويصدق عليها التعريف الثالث والرابع.
المبحث الثاني: مشروعية الشورى وحكمها:
شرع الله نظام الشورى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وطبّقها النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، وهي متعددة الجوانب تكاد تستوعب جوانب الحياة كلها:
فهناك الشورى في إبرام العقود وفي مجالات الحياة المختلفة في النكاح والبيع..، إذ قد يستشير المسلم أخاه في إجراء مثل هذه العقود حتى يستفيد من رأيه.
وهناك الشورى في القضاء، إذ قد يستشير القاضي بعض أهل العلم في قضية من القضايا قبل أن يُصدر الحكم.
وهناك الشورى في الإفتاء ، إذ قد يستشير المفتي في مسألة قبل أن يفتي فيها.
وهناك الشورى في الحكم، إذ قد يحتاج الحاكم إلى مشاورة أهل الحل والعقد في مسألة تهمّ ألأمة قبل أن يُصدر قراره فيها.
فالشورى في الحالات الثلاث الأولى مندوبة وليست بواجبة، أما الشورى في الحالة الرابعة وهي استشارة الحاكم للأمة أو جزءٍ منها في أمر مصيري، فقد اختلف الفقهاء في حكمها: هل هي واجبة على الحكام أم مندوبة في حقّهم؟
الرأي الأول القول بالوجوب:
ذهب كثيرٌ من الفقهاء إلى أنّ الشورى واجبةٌ على الحاكم، ولا يجوز له أن يستبدَّ برأيه دون مشورة المسلمين، وإليك بعض أقوال العلماء في هذه المسألة:
قال ابن عطية:(والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب )(7).
قال ابن خويز منداد المالكي:( واجبٌ على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم في أمور الدين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب...)(8).
وقال النووي الشافعي:(واختلف أصحابنا: هل كانت الشورى واجبةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كانت سنةً في حقّه كما في حقنا؟ والصحيح عندهم وجوبها، وهو المختار، قال الله تعالى:"وشاورهم في الأمر" والمختار الذي عليه جمهور الفقهاء ومحققو الأصول أنّ الأمر للوجوب)(9).
وذهب كثيرٌ من الفقهاء المعاصرين إلى وجوب الشورى على الحاكم المسلم، ومنهم: الطاهر بن عاشور، ومحمود شلتوت، وأبو الأعلى المودودي، ومحمد أبو زهرة، وعبدا لوهاب خلاف، وعبد الكريم زيدان وغيرهم(10).
أدلة القائلين بوجوبها على الحاكم:
استدلوا بعدة أدلة من القرآن الكريم ومن السنّة، من أبرزها:
1- قوله تعالى:"فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين"[آل عمران-159].
ووجه الاستدلال من الآية على وجوب الشورى ما يلي:
أ - أنّ الآية صريحة في وجوب المشاورة، لأن الأمر "وشاورهم" للوجوب، وليس هناك قرينة تصرفه عن ذلك.
ب - أنّ هذه الآية نزلت بعد غزوة أحد التي استشار فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأشاروا عليه بالخروج لملاقاة العدو، وكان رأيه صلى الله عليه وسلم البقاء في المدينة، إلا أنه أخذ برأي الغالبية، ثم حدثت الهزيمة بسبب مخالفة الرماة لأمره صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية تأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو عن المخطئين، والاستمرار في مشاورة المسلمين(11).
2- قوله تعالى:"والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" [الشورى-38].
ووجه الاستدلال: أنّ الشورى ذكرت بعد فريضة الصلاة وذكر بعدها فريضة الزكاة، فوقعت بين فريضتين مما يدل على أنها واجبة، ولذلك قال الإمام أبو بكر الجصّاص - بعد أن ذكر الآية-:(يدل على جلالة موقع المشورة لذكره لها مع الإيمان وإقامة الصلاة، ويدل على أنا مأمورون بها)(12).
3- ما روى الترمذي في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لو كنت مؤمّراً أحداً من غير مشورة منهم لأمّرت ابن أم عبد"(13)، ويدل الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مأموراً بأن يستشير في تعيين الأمراء، وهذا يدل على وجوب الشورى.
4- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله إن نزل بنا أمر ليس فيه بيانُ أمرٍ ولا نهي فما تأمرني؟ قال صلى الله عليه وسلم: "شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تقضوا فيه رأي خاصة"(14).
5- قول أبي هريرة رضي الله عنه:"ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم"(15).
6- عمل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يستشير الصحابة في كثير من المواقع، ففي غزوة بدر استشارهم قبل المعركة، وبعدها في مصير الأسرى، وفي وقعة أحد استشار صلى الله عليه وسلم في الخروج لملاقاة المشركين أو في البقاء في المدينة، وفي الأحزاب استشار صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في إعطاء غطفان ثلث ثمار المدينة، حتى أننا لا نجد حادثة مشهورة لم يشاور فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على عمله بالأمر في قوله تعالى:"وشاورهم في الأمر"، فإذا التزم النبي صلى الله عليه وسلم بالشورى وهو المؤيد بالوحي فالتزام غيره من الحكّام من باب أولى، وهذا يدل على وجوب الشورى على الحاكم المسلم وأنه لا يجوز أن يقضي في أمرٍ هام من غير مشاورة المسلمين(16).
القول الثاني: أن الشورى مندوبة للحاكم وليست بواجبة عليه:
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1- بما جاء في سورة آل عمران وقوله تعالى:"فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر"[آل عمران-159]،ووجه استدلالهم بهذه الآية،: أن الأمر بالشورى هنا لتأليف قلوب الصحابة، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم غنيٌ عن رأيهم، فهو معصومٌ بالوحي.
مناقشة الدليل:
هذه الحجّة مردودة ؛ لأنها لا تنافي الوجوب بل تؤكّده، كما أنّ قولهم أن الأمر بها لتأليف قلوب الصحابة غير معقول، قال الجصّاص - رحمه الله:(وغير جائز أن يكون الأمر بالمشاورة على جهة تطييب نفوسهم ورفع أقدارهم، ولتقتدي الأمة به في مثله، لأنه لو كان معلوماً عندهم أنهم إذا استفرغوا مجهودهم في استنباط ما شوروا فيه، وصواب الرأي فيما سئلوا عنه، ثم لم يكن ذلك معملاً عليه ولا متلقّى منه بالقبول، لم يكن في ذلك تطييبُ نفوسهم ولا رفعُ أقدارهم، بل فيه إيحاشهم وإعلامهم بأنّ آراءهم غير مقبولة ولا معمول عليها)(17).
وأمّا القول: بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس محتاجاً للشورى، لأنّه مستغن بالوحي والإلهام عن الشورى فمردود بأنّ الشورى إنما تكون في الأمور التي لا وحي فيها ولا إلهام،فقد أخبرنا بأنه في أمور الدنيا يصيب ويخطئ، كما حصل في حادثة التأبير(18)، ولو فرضنا صحة ما ذهبوا إليه في حقّ النبي صلى الله عليه وسلم فهل الحكام من بعده معصومون بالوحي؟.
2- قالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك مشاورة الصحابة في أمورٍ كبيرة، مثل صلح الحديبية، وقتال بني قريظة، وغزوة تبوك، ولو كانت الشورى واجبة لما تركها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المواطن.
مناقشة الدليل:
أما في صلح الحديبية فلم يشاور النبي صلى الله عليه وسلم في توقيع الصلح لأنّه كان مأموراً من الله، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما جاء يناقشه:(أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره ولن يضيّعني)(19)، ويؤيده ما ذكره شارح البخاري:(أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك إلا لأمر أطلعه الله عليه منذ حبس الناقة، وأنه لم يفعل ذلك إلا بوحيٍ من الله)(20)، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يخرج عن نطاق الشورى.
وأما في قتال بني قريظة، فكذلك لأن الأمر بقتالهم كان بأمرٍ من الله، وأنّ جبريل أتاه وقال له:(إنّ الله يأمرك يا محمد بالسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم)(21).
وأما في غزوة تبوك، فكذلك لم يشاور النبي صلى الله عليه وسلم لأن جاء بأمر من الله(22).
3- وقالوا أيضاً بأنّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أمضى بعض الأمور من غير مشاورة، منها: إنفاذ جيش أسامة، وحروب الردّة.
مناقشة الدليل:
ونوقش بما يلي:
أما إنفاذ جيش أسامة - رضي الله عنه - فهو لا يدخل في مجال الشورى، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بإنفاذه قبل وفاته، ولهذا قال أبو بكر - رضي الله عنه -:"ما كنت أردُّ أمراً أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم"(23).
وأما حروب الردّة فإنّ الصحابة بناء على ما فهموه من حقّهم في الشورى اعترضوا على أبي بكر، لأنه تجاوزهم ولم يستشرهم، ولم يقل لهم أبوبكر: لا حقّ لكم في الشورى، ولكن بيّن لهم أن الذي منعه من المشاورة لهم ما رآه من وجود نصٍّ يحتّم عليه مقاتلة المرتدين، ولذلك قال:"والله لأقاتلنّ من فرق ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم"(24)، وفي ذلك يقول ابن حجر:(فلم يلتفت أبو بكر إلى مشورة، إذ كان عنده حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذين فرّقوا بين الصلاة والزكاة، وأرادوا تبديل الدين وأحكامه)(25).
4- وقالوا: بأنّ الفقهاء عندما تكلّموا عن الشورى لم يدرجوها ضمن الأمور الواجبة على الحاكم، ولم يخصّصوا لها مبحثاً، وإنما تكّلموا عنها في مبحث آداب القاضي، وهل من الواجب عليه أن يشاور أم يسنّ له ذلك.
مناقشة الدليل:
ونوقش هذا بأنّ السبب الذي جعل الفقهاء لم يدرجوها ضمن الأمور الواجبة على الحاكم أنهم يتحدثون عن الخليفة الشرعي، وهو الذي استوفى جميع شروط الإمامة، ومنها أن يكون مجتهداً، وهم يقيسون مكانة الخلافة على مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم من الدولة الإسلامية، وعلى هذا رتّبوا للخليفة جميع السلطات الدينيّة والدنيوية، وكما أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا تجب عليه المشاورة فكذلك الخليفة لا تجب عليه المشاورة(26).
والحقيقة التي ينبغي أن تراعى اليوم أنّ سلطة الحاكم لابدّ أن تقيّد، ولا بدّ من إلزام الحاكم بالشورى، لأنّ في ذلك ضمانة لعدم الاستبداد، إذ لو ترك الخيار في الشورى وعدمها لكان في ذلك ذريعة للاستبداد، ولجعل الشورى صورية، لا أثر لها في حياة الأمة، وبذلك يختل مبدأ العدل الذي يحرص الإسلام على إقامته.
الترجيح:
من خلال تفحص الأدلة يظهر رجحان الرأي القائل بوجوب الشورى على الحاكم، لأنّ في ذلك ضمانةٌ حقيقية بإقامة الشورى، وأن يكون لها أثر في حياة المسلمين.
المبحث الثالث: فوائد الشورى وأهميتها في الحياة الإسلامية.
نظام الشورى في الإسلام له تأثيره الإيجابي على حياة المسلمين، وحينما يطبّقه المسلمون، ويجسّدونه في حياتهم سيجدون فيه عدة فوائد، من أبرزها ما يلي:
أولاً: نسج عوامل الألفة والمحبة بين الأمة وقادتها :
يسعى الإسلام إلى توثيق العلاقة بين الراعي والرعية، وبين القيادة والمجتمع، إذ أنّ المجتمع الذي تسود فيه الثقة والألفة بين القيادة والمجتمع هو مجتمع سليمٌ من الصراع والانقسام والتمزق، أما إذا كانت العلاقة بينهما متأزمة، والثقة ضعيفة فإنّه يعود سلباً على الأمة، فيحلّ التربّص والشكوك، وتكون القيادة على وجلٍ وخوفٍ من الرعية، وتكون الرعية في شكِ وريبة من القيادة، والخاسر هو الأمة الإسلامية، ونحن نرى أنّ هذا الأمر أضعف المسلمين كثيراً، وبدّد طاقاتهم.
واستشارة الحاكم المسلم لشعبه يقربُه منه، وبذلك تزداد ثقة الشعب ومحبتُه لحاكمه، وهذا أحد مقاصد الشورى، يدل على ذلك قوله تعالى:"فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إنّ الله يحبّ المتوكلين" [ آل عمران- 159].أي: من أجل أن تتحقق الألفة بينك وبينهم ويزدادوا لك حباً وبك ثقة، كن بهم رحيماً، ولا تكن عليهم فظّاً غليظاً، وشاورهم في أمورهم ومصالحهم(27).
ثانياً: ضبط وتقرير حقوق الأمة على القيادة وواجب كلٍّ منهما على الآخر:
تقرّر الشورى حقوق الأمة على قيادتها، وأنّ الحاكم بمقتضى التزامه بمبدأ الشورى يكون على معرفة بأنه ليس له حقّ التسلط على الأمة والتحكم بشئونها، والتفرد بذلك، وأنّ من واجبه مشاورة الأمة والرجوع إليها فيما يخصّها من شئونٍ ومصالح.
وأمّا الأمة فإنّ مشاورة الحاكم لها يجعلها قائمة بحقوق الحاكم وطاعته ونصرته، لأنها لا تطيعه إلا فيما يصلحها، وفيم يعود عليها بالخير.
ثالثاً:استفادة الأمة من علم العلماء وخبرة الخبراء:
تتيح الشورى للأمة أن تستفيد من آراء العلماء وتجربة الخبراء، وما يتمتع به كثيرٌ من رجال الأمة من بعد النظر، وعمق الدراية، فالحاكم مهما اتسع علمه ودقّت ملاحظته لا يحيط بجميع الأمور، ولا يفقه جميع القضايا،فهو في حاجةٍ إلى المشورة، فإنّ الله وزّع الدراية بالعلوم والمعارف المختلفة والخبرات المتنوعة بين الكثير من عباده، ولا شكّ أنه حينما تتداول المسألة بين جمع من العلماء والخبراء يكون أضمن للوصول إلى الصواب والحق، والرأي الذي يصدر عن جماعة أفضل من الرأي الذي يصدر عن فرد، والحاكم عليه أن يشاور العلماء وأهل الخبرة والدراية،وألا يستبد برأيه، لأنّ الاستبداد بالرأي مزلّة ومظنة الوقوع في الخطأ، ويعود ذلك على الأمة بالوبال والضعف(28).
رابعاً: إطلاع القيادة على مطامح الشعب وآماله، وتبينها لمواطن القوة والضعف لديه:
إنّ مشاورة القيادة للأمة يكشف للقيادة ما يدور من أفكار وآمال وطموحات، ويجعلها مطلعة على ما يتمتع به القوم من روح سامية وعزيمة ماضية، أو ما يعانونه من وهنٍ وضعفٍ وتثاقل، فتتبين مظاهر القوة فيهم، فتفيد منها، ومكامن الضعف والقصور فتعالجها.
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يستشير أصحابه استطلاعاً لما عندهم، وجسّاً لنبضهم، ومن ذلك أنه في غزوة الأحزاب استشار زعيمي الأنصار: سعد بن عبادة وسعد بن معاذ في إعطاء قبيلة غطفان ثلث ثمار المدينة لترجع عن قتال المدينة، فقالا له: يا رسول الله، أمراً تحبه فنصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابدّ لنا من العمل به، أم شيئاً تصنعه لنا؟..قال: (بل شيءٌ أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم من قوسٍ واحدة، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما..) فقال له سعد بن معاذ: قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة، إلا قِرى أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة. والله لا نعطيهم إلا السيف..، وأخذ سعد بن معاذ الصحيفة ومحا ما فيها، وتهلّل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رضا وسروراً(29).
فهذه المشورة إنما استهدف النبي صلى الله عليه وسلم من ورائها أن يطمئنّ إلى ثقة أصحابه بنصر الله وسط ذلك الإعصار الذي أقبل إليهم من كل صوب.
المبحث الرابع: الشورى في التجربة الحضارية الإسلامية.
عرف العرب الشورى قبل الإسلام، وكانت دار الندوة في مكة تمثل المجلس الذي يتشاور فيه زعماء قريش لحلّ المشاكل الداخلية والخارجية، والأمور التجارية والمشاكل الاجتماعية، ولم يكن يدخلها إلا من بلغ أربعين سنة للمشورة(30).
وقد تجتمع العشائر والقبائل لحلّ المشكلات وعقد المعاهدات في غير دار الندوة، كما حصل في(حلف الفضول)(31).
ويظهر أنه كان لكل قبيلةٍ ناديها التي تعقد فيه اجتماعاتها الخاصة لحلّ مشاكلها، ولاتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون القبيلة(32).
وأمّا الشورى في العهد الإسلامي فيمكن الحديث عنها من خلال ما يلي:
أولاً: الشورى في العهد النبوي
جاءت النصوص في العهد النبوي من الكتاب والسنّة تؤكّد مشروعية الشورى، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم على تكريس الشورى في حياة المجتمع المسلم، وكان من أهداف ممارستها في هذا العهد تدريب الصحابة رضوان الله عليهم على إصدار الرأي بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه لتكون الشورى منهجاً لهم للحكم ونظاماً إسلامياً يصبغ الحياة كلها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير الصحابة، وقد اتخذ هيئة استشارية من كبار الصحابة، وقد يتحول أهل الشورى إلى مجلسٍ منتخب كما فعل صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، إذ ترك أمر انتخاب النقباء للمسلمين أنفسهم، حين قال للأنصار : ( اختاروا لي منكم اثني عشر ليكونوا على قومهم بما فيهم)(33).
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه فيما نزل به الوحي، أمّا ما عدا ذلك فكان يرجع إلى الصحابة، ويدل على ذلك حادثة تأبير النخل، حينما أشار على أصحابه برأي، ثم جاء الموسم على غير ما يرغبون، فقال صلى الله عليه وسلم:(إنما أنا بشرٌ مثلكم، إذا أمرتكم بشيءٍ من أمر دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيءٍ من أمور دنياكم فإنما أنا بشر. أنتم أعلم بأمور دنياكم)(34).
ثانياً: الشورى في عهد الخلفاء الراشدين:
سارت الشورى في هذا العهد على ما كانت عليه في العهد النبوي، فنجد أنّ الخلافة لم تستقر لواحدٍ من الخلفاء الأربعة إلا عن طريق الشورى، التي تجسّدت في بيعة عامّة الناس أو أكثريتهم، وكانت أهلية الشورى تتمثل في كبار الصحابة ممن عرفوا بالفقه والخبرة والحصافة.
ففي عهد أبي بكر رضي الله عنه يصور لنا ميمون بن مهران التزامه بالشورى، فيقول:( كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه أمرٌ نظر في كتاب الله، فإذا وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم، وإن علمه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به، وإن لم خرج فسأل المسلمين عن السنة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم)(35).
وأما الشورى في عهد عمر فقد أصبحت أوسع نطاقاً، بسبب اتساع الفتوحات، وظهور أوضاعٍ جديدة اقتضت مزيداً من الشورى، وكان عمر رضي الله عنه إذا وقعت مسألة يجمع لها أكبر قدرٍ من الصحابة(36)، وكان يستشير الشباب والأحداث، كما كان يستشير النساء(37).
وأما في عهد عثمان رضي الله عنه فقد مارس الشورى وعمل بها إلا أنه كان يعتمد على من حوله من الصحابة، كما كان كثير الاستشارة لأعيان بني أمية(38).
وأما علي رضي الله عنه فقد سار على نهج من قبله في الأخذ بالشورى، فكان يستشير من بقي من كبار الصحابة ويضم إليهم عبد الله بن عباس وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما، وكثيراً ما كان يستشير قاضيه شريحاً(39).
ثالثاً: الشورى في عهد الدولة الأموية:
على الرغم من تحول في طريقة تعيين الخليفة من الشورى إلى الحكم الوراثي إلا أنّ الذي يلوح أن بني أمية كانوا ملتزمين بالشورى في شؤون الحكم، ومن الفوارق الهامة بين الشورى في عهد الراشدين والشورى في هذا العهد اختلاف في المستشارين، حيث عوّل بنو أمية في الشورى على أهل الشام، وعلى بعض الصحابة الذين نزلوا الشام، ومما يذكره المؤرخون أنّ الشورى تأثرت بما حدث من صراع بين اليمانية والقيسية، فكان بنو أمية يقربون اليمانية حيناً والقيسية حيناً آخر(40).
رابعاً: الشورى في العهد العباسي:
كانت الشورى من الأسس التي قامت عليها الدولة العباسية، فكانوا يشاورون الوزراء والكتاب والعلماء، ولم يستغن خليفة عن مشاورة أهل الرأي والاختصاص، هذا بالنسبة للشورى في ممارسة الحكم، أما الشورى في اختيار الخليفة فلم يكن معمولاً بها، وبرز التزام العباسيين بالشورى في ناحيتين جديدتين لم تكونا في عهد الأمويين وهما: اتخاذ الوزراء وتقريب العلماء، أما الوزراء فكانوا في منزلة المستشارين، بل أصبح لبعضهم نفوذ كبير ينافس سلطة الخليفة، وأما العلماء فقد حرصوا على تقريبهم والاستعانة بهم(41).
خامساً: الشورى في عهد المماليك:
إن الباحث في نظم دولة سلاطين المماليك لا يعدم وجود أثر للشورى فكراً وممارسة، ولكنه فكرٌ يشكل وسيلة لا غاية، وممارسة خالية من الروح تتصف بالسطحية والمظهرية. ومن مظاهر الشورى في هذا العصر مشاورة سلاطين المماليك للقضاة والفقهاء فيما يتعلق بالأمور الشرعية، والشورى هنا لها ما يبررها لجهل الحكام بتلك الأمور وعدم إلمامهم بأحكام الشرع(42).
المبحث الخامس: الشورى طريق التنمية الحضارية.
لا تتحقق التنمية الحضارية في الأمة حتى يتحقق الاستقرار السياسي فيها، والشورى ركيزة من ركائز الاستقرار السياسي، ويقرّر شيخ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - أنّ الشورى من جملة أسباب صلاح الأرض وإقامة العمران(43)، ويستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم أسخياءكم، وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خيرٌ لكم من بطنها..). الحديث(44).
إن العلاقة بين النظام السياسي والتنمية تتمثل في أن النظام السياسي يهدف إلى توجيه السلوك البشري وتنظيم الجهد البشري لخلق نهضة راقية تسهّل حياة الإنسان، وتوفر وقته وجهده، وتحقق الرفاه المعيشي والرخاء الاقتصادي.
ومن القيم التي تقوم عليها الشورى العدل(45)، والعدل شرط أساسي لتحقيق التنمية الحضارية، يقول(بدر الدين بن جماعة):(وقد اتفقت شرائع الأنبياء وآراء الحكماء والعقلاء أن العدل سببٌ لنمو البركات ومزيد من الخيرات، وأن الظلم والجور سببٌ لخراب الممالك واقتحام المهالك، ولا شك عندهم في ذلك)(46).
إن تحقيق التنمية يحتاج إلى نشر العلم وتشجيع الإبداع وإطلاق العقل من جميع القيود التي تحدّ من التفكير، وهذه الأمور لا تتحقق إلا في حال ينعم الناس فيه بثمار الشورى من الأمن والاستقرار والحرية.
إنّ نظام الشورى يهيئ الفرد لأداء وظيفته الحضارية عن طريق تهيئة الفرصة له لأن يبرز في المجتمع وينمّي ملكاته وقدراته حتى يكون أهلاً للمشورة، وهذا يحفّزه للاستزادة من العلم والمعرفة(47).
ويتفق المؤرخون والمحلّلون على أنّ من أهم أسباب تخلف الأمة الإسلامية هو ابتعادها عن العمل بالشورى بعد عصر الخلافة الراشدة(48).
إنّ أعداءنا انتصروا علينا وفرضوا علينا نفوذهم وسيطرتهم بسبب التخلف الذي نتج عن أسبابٍ عديدة أبرزها تفريط الأمة في إلزام حكّامها بمبادئ الشورى، وحتى تستعيد الأمة عافيتها، وتستأنف مسيرة التنمية والتحضر لابد أن يبدأ العلاج من هذه النقطة لبناء مجتمعٍ جديد وأمةٍ ناهضة(49).
ولا يمكن لأي أمة يشيع فيها الاستبداد والتفرد بالسلطة أن تحقق تنمية أو تبني نهضة،وهذا ما أشار إليه القرآن في عددٍ من الآيات، منها قوله تعالى:"فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا"(50)، وقوله تعالى:"وكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة"(51)، وهذا ما جعل ابن خلدون يضع مقولته المشهورة(الظلم مؤذنٌ بخراب العمران)(52)، ويقول في تفسير ذلك:( اعلم أنّ العدوان على الناس في أموالهم ذاهبٌ بآمالهم في تحصيلها واكتسابها، لما يرونه حينئذ من أن غايتها ومصيرها انتهابها من أيديهم، وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك) ثم يقول:(والعمران ووفوره ونفاق أسواقه إنما هو بالأعمال وسعي الناس في المصالح والمكاسب ذاهبين وجائين، فإذا قعد الناس عن المعاش وانقبضت أيديهم عن المكاسب كسدت أسواق العمران، وانتقصت الأحوال وابذعرّ الناسُ في الآفاق من غير تلك الإيالة في طلب الرزق فيما خرج عن نطاقها، فخفّ ساكن القطر، وخلت دياره، وخربت أمصاره، واختل باختلاله حال الدولة والسلطان؛ لمّا أنها صورة للعمران تفسد بفساد مادتها ضرورة)(53).
ويزيد(الكواكبي) الأمر وضوحاً فيصف الإنسانَ الذي يعيش تحت الظلم والاستبداد بأنه إنسانٌ مسلوب الإرادة، يتصرف أسياده بمقدراته جميعها، إنه يفقد الانتماء إلى وطنه ؛ لأنه لا يحب وطناً لا يأمن على الاستقرار فيه، ولا أمل له ولا غاية، يعيش في فراغٍ مميت، يعيش أسير الاستبداد معرضاً لسلب المال والشرف في أي وقت، لذلك تضعف همته عن العمل(54).
ليس أمام الناس في ظل حكم استبدادي إلا التكتم والتقية والحيلة لإخفاء أموالهم خشية فقدانها، كما أنهم يضطرون إلى إخفاء مقاصدهم وآمالهم، فضلاً عن إخفاء أفكارهم ومعتقداتهم؛ لأن كشف ما لا يرضى عنه المستبد يعرّض صاحبه إلى السجن والتعذيب، فليس أمام الناس إلا التقوقع داخل ذواتهم(55).
إن الأخذ بنظام الشورى يقطع دابر الاستبداد والاستعباد والظلم والتفرد بالسلطة،ذلك أن الشورى مقرونة بقيم العدل والحرية والجماعية، ومتى توفرت هذه القيم انطلق المجتمع في مسيرة التنمية والبناء الحضاري.
المبحث السادس: الشورى بين شرعية المبدأ ومرونة التطبيق.
الشورى في الإسلام نظامٌ أصيل وقاعدة من قواعد الحكم، ومبدأ اجتماعي وأخلاقي، لا خلاف في ثبوتها وحجيتها، جاء تقرير ذلك في الكتاب والسنة وأقوال الخلفاء الراشدين وسيرتهم، وأقوال السلف.
ولكن يجب أن نعلم أنّ مبدأ الشورى فيه من المرونة والقابلية للتكيف والتطبيق، بحيث ليس فيه ما يقتضي الإلزام بصورةٍ من الصور، أو بكيفية من الكيفيات التي مورست بها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم أو عصر الخلفاء الراشدين، ومن هنا نشير إلى الخطأ الذي وقع فيه البعض، من القول بوجوب الأخذ والعمل بالصور والكيفيات والآليات التي نفذت بها الشورى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو عهد الخلفاء الراشدين، فإن في ذلك جمود في الفهم،وتضيق لما وسّعه الله.
وما أشرنا إليه من المرونة في تطبيق الشورى هو ما فهمه العلماء والفقهاء وقرّروه في كلامهم، وإليك نماذج من أقوالهم في هذا الأمر:
قال الشيخ محمود شلتوت - رحمه الله -:(..وإنما ترك هذا الجانب من غير أن يوضع له نظام خاص؛ لأنه من الشئون التي تتغير فيها وجهة النظر بتغير الأجيال والتقدم البشري، فلو وضع نظام في ذلك العهد لاتخذ أصلاً لا يحيد عنه من جاء بعدهم، ويكون في ذلك التضييق كلَّ التضييق عليهم ألا يجاروا غيرهم في نظام الشورى)(56).
وقال أبو الأعلى المودودي -رحمه الله -:(القرآن لا يقرّر أشكالاً وصوراً محددة بشأن الشورى والانتخاب، وإنما يضع مبدأ عاماً وقاعدة عريضة، ثم ترك سبيل تنفيذه وأشكال إجرائه ليقررها الناس في الأزمنة المختلفة وفق ضرورات مجتمعهم وظروف بيئتهم)(57).
وقال الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي:(إن الشورى في الشريعة الإسلامية غير خاضعة لأي تحديد معين في شكلها ونظامها، بمعنى أن الشارع جلّ جلاله أمر بالشورى والرجوع إليها دون إي إلزامٍ للمسلمين أو حكّامهم برسم منهج أو نظام مستقر معين لها؛ فيقتضي ذلك أن لإمام المسلمين أن يختار أي شكلٍ تنضبط به طريقة تنفيذها على الوجه السليم)(58).
وقال الدكتور عبد الكريم زيدان:( إن الشريعة الإسلامية لم تضع نظاماً خاصاً محدداً للشورى، وهذا من حسناتها واحتياطها للمستقبل ؛ لأن تحقيق الشورى عملاً يختلف باختلاف الزمان والمكان، فتركه للأمة تنظمه حسب الظروف والأحوال هو السبيل الأقوم للشورى)(59).
وقال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:(إنّ أوامر الشورى في الإسلام جاءت عامة مرنة لم تلزم المسلمين بعدد معين لرجال الشورى، ولا بطريقة بعينها لكيفية اختيارهم، ولا بنظامٍ خاص للاقتراع بينهم، بل أمرت هذه النصوص الحاكم بالشورى، وألزمت المسلمين أن لا يصدروا في جميع أمورهم إلا عن شورى..، أما كيفيتها وتنظيمها فقد وكل هذا إلى عرف الجماعة ومستواها وظروفها في العصور المتعاقبة)(60).
وهناك دلالات أخرى تؤكد مرونة التطبيق لمبدأ الشورى، وعدم جمودها على شكلٍ واحد أو كيفية معينة، ومن أبرزها ما يلي:
أولاً: عدم التزام النبي صلى الله عليه وسلم طريقة معينة في الشورى:
حيث نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بعدة طرق في تطبيق الشورى، فتارة يتجه إلى مشاورة جمهور الصحابة دون اختيار ولا تفريق، وتارة يستشير بعضاً من أصحابه، وتارة يستشير العرفاء والممثلين عن أقوامهم..، فهذا التنوع في الكيفيات والتطبيقات يفتح مجالاً رحباً وواسعاً في تنظيم الشورى والعمل بها، وليس فيه تقييد بصورة واحدة، أو جمود على كيفية معينة(61).
ثانياً: أن باب الاجتهاد والتشريع في مسائل السياسة الشرعية أوسع وأرحب من غيرها:
إن مجال الاجتهاد في السياسة الشرعية - والشورى فرع منها - أوسع منه في باب العبادات والمعاملات الأخرى، ومما يدل على ذلك:
1- أن العمل بالسنة النبوية وإتباعها في مسائل السياسة الشرعية غير ملزم، وقد تثير هذه الجملة الاستغراب والدهشة، إذ كيف يكون المسلمون غير ملزمين بإتباع السنّة؟؟ وهي الأصل الثاني للتشريع، فأقول هذه المسألة تحتاج إلى بيانٍ وتوضيح:
لقد شاع عند كثير من المسلمين؛ بل عند بعض طلبة العلم والباحثين أن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم من نوعٍ واحد، وأنها كلها وحي يتبع، وهذا من المفاهيم الخاطئة، حيث قسّم العلماء تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله إلى عدة أقسام منها: تصرفاته بمقتضى التبليغ، وتصرفاته بمقتضى الإمامة، وتصرفاته بمقتضى القضاء، وتصرفاته بمقتضى الإفتاء..(62).
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يميزون بين وظيفته صلى الله عليه وسلم بوصفه مبلغاً للرسالة والوحي، ووظيفته بوصفه إماماً وقائداً سياسياً، وكانوا يفهمون أن واجبهم أمام النوع الأول هو الطاعة والتسليم، وأما في النوع الثاني فكانوا يراجعونه صلى الله عليه وسلم، وذلك مثل ما حدث من الحباب بن المنذر يوم بدر حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المكان الذي اختاره: أهو منزل أنزله الله إياه فيذعن للأمر ويسلّم، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟(63)، ومن ذلك حينما استشار السعدين في الخندق في إعطاء غطفان ثلث ثمار المدينة سألاه:أهو أمر تحب أن نصنعه أم هو شيءٌ أمرك الله به، لا بد لنا من العمل به؟؟(64) ويعدّ الإمام القرافي أول من أشار إلى التفريق بين تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه(أنوار البروق في أنواع الفروق)؛ حيث أشار إلى الفرق بين تصرفه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، وتصرفه بالفتوى، وتصرفه بالإمامة(65)، وممن أشار إلى هذه المسألة ابن القيم في قوله:(ومأخذ النزاع أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام والحاكم والمفتي وهو الرسول؛ فقد يقول الحكم بمنصب الرسالة، فيكون شرعاً عاماً إلى يوم القيامة...، وقد يقوله بمنصب الفتوى..، وقد يقوله بمنصب الإمامة، فيكون مصلحة للأمة في ذلك الوقت، وفي ذلك المكان، وعلى تلك الحال، فيلزم من بعده من الأئمة مراعاة ذلك على سبيل المصلحة)(66).
والذي يعنينا من هذه الأقسام تصرفه صلى الله عليه وسلم بمقتضى الإمامة، أي تصرفه بوصفه إماماً للمسلمين ورئيساً للدولة يدير شئونها بما يحقق المصالح، أو ما يسميه بعض العلماء التصرفات بمقتضى السياسة الشرعية، ومن أمثلة هذه التصرفات: بعث الجيوش، وصرف أموال بيت المال في جهاتها، وجمعها من محالها، وتولية الولاة، وقسمة الغنائم....
ويذكر الأصوليون أن تصرفه بالإمامة وصف زائد على النبوة والرسالة والفتيا، فهو بالتالي مقام يختلف عن مقام النبوة والرسالة، وهذا يدعونا للتساؤل: ما موقف الأمة من هذه التصرفات؟؟ هل نحن ملزمون بإتباعها أم يجوز لنا الاجتهاد والأخذ بغيرها؟.
أشار ابن القيم - رحمه الله إلى هذه التصرفات وقال:(والمقصود أن هذا وأمثاله سياسة جزئية بحسب المصلحة، يختلف باختلاف الأزمنة، فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة)(67).
ومعنى ذلك أن الأمة غير ملزمة بإتباع هذه التصرفات،وأنّ ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم تشريع خاص بزمن معين، وليس تشريعاً عاماً لا يجوز الخروج عليه، وأن الذي يجب على الأمة فيها إتباعه صلى الله عليه وسلم في المنهج الذي بنى عليه تصرفاته، وأن يراعوا المصلحة التي راعاها، ويتبين أيضاً أن تلك التصرفات مرتبطة بتدبير الواقع وسياسة المجتمع، فهي تصرفات خاصة بزمانها ومكانها وظروفها، وأن أمثال هذه التصرفات تكون مفوّضة إلى رأي الحاكم أو إلى الجهات المسئولة في المجتمع تراعي فيها مقاصد الشرع حسب المصلحة، وأن الجمود على تلك التصرفات خروج عن المراد الشرعي ومخالفة للسنة(68).
وهكذا يتبين لنا أنّ هناك فرقاً بين تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى الإمامة والسياسة الشرعية وتصرفاته بمقتضى النبوة والرسالة، وللأسف أن كثيراً من الباحثين في تناوله للسنة النبوية لا يميز بين هذه الأنواع من السنة، ويجعل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله وتصرفاته في مرتبة واحدة من حيث العمل بها وإتباعها، مما أدى إلى غلبة الجمود وتضييق آفاق الاجتهاد في مسائل السياسة الشرعية.
إن التصرفات النبوية بالإمامة بما هي تصرفات بالسياسة الشرعية تفتح باباً واسعاً لتجديد الفقه السياسي، وتمكن من إعادة النظر - من زاوية جديدة- في كثير من قضايا السياسة الشرعية، وتوفر أساساً منهجياً وصلباً للعديد من القضايا المطروحة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر(69).
وقد أشار الدكتور عبد الحميد مصطفى أن أعمال النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته المرتبطة بالشورى تدخل في نطاق تصرفاته بمقتضى الإمامة، وعلى هذا لا تعد تلك التصرفات تشريعاً عاماً ملزماً للأمة ؛ بل هي سياسة جزئية وتشريع خاص بزمنه صلى الله عليه وسلم، ينظر فيه بحسب ما تقتضيه المصلحة(70).
2- ارتباط الشورى بتحقيق المصلحة:
تستند الشورى في تنفيذها وتطبيقها على تحقيق المصلحة، وهذا هو الضابط الذي تنضبط به، ذلك أن نظام الشورى فرع من علم السياسة الشرعية، والسياسة الشرعية تنبني على رعاية المصالح ودرء المفاسد، ومما يدل على ذلك ما نقله ابن القيم - رحمه الله - عن ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله - في تعريف السياسة، قال:(السياسة ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي)(71).
فالسياسة الشرعية تستهدف إقامة المصالح، الأمر الذي يفرض الصلة الوثيقة بين السياسة الشرعية والمصلحة(72).
ومع إدراكنا أن المصلحة المقصودة هنا المصلحة المنضبطة بضوابط الشرع، والتي لا تخالف كتاباً ولا سنة،فإن هذا الارتباط بين تحقيق المصلحة والشورى يفتح آفاقاً واسعة ومرنة في تطبيق الشورى، ويمكّن المسلمين من اختيار المناسب من الآليات والكيفيات التي يتم بها تفعيل الشورى من غير إخلالٍ بجوهرها.
ومما سبق يتبين لنا أن الإسلام أعطى مساحة واسعة ومرنة في تطبيق الشورى، ولم يلزم الأمة بصورة واحدة أو بكيفية معينة ؛بل ترك المجال مفتوحاً للأمة أن تجتهد وتختار ما يناسبها من الكيفيات والآليات والبرامج والوسائل التي تمكنها من العمل بنظام الشورى وتفعيله في حياتها.
_________
(1)انظر معجم مقاييس اللغة ، لابن فارس 3/132.
(2) لسان العرب لابن منظور 4/434ـ437.
(3)المفردات في غريب القرآن ، للراغب الأصفهاني /270. ، والجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي 3/172.
(4)أحكام القرآن ، لابن العربي 1/297.
(5)الشورى وأثرها في الديمقراطية ، د. عبد الحميدإسماعيل الأنصاري /4.المكتبة العصرية، بيروت،(د.ت).
(6)الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي ، عبد الرحمن عبد الخالق /14.
(7) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية ، تحقيق: عبد الله الأنصاري، والسيد عبد العال السيد إبراهيم 3/397.
(8)الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/250.
(9)شرح صحيح مسلم 4/76.
(10)انظر بحث(حكم الشورى ومدى إلزامها) للدكتور محمد عبد القادر أبو فارس ،ص:733ـ739، من بحوث الشورى في الإسلام من إصدار المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية ، عمان، 1989م.
(11)انظر الشورى في الكتاب والسنة ، د. محمد الصالح /30ـ31.
(12)أحكام القرآن 3/510.
(13)رواه الترمذي في سننه 5/673ـ674، رقم (3808،30399) وقال عنه: حديث غريب.ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، 3/318.
(14)رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي: ( رجاله موثوقون من أهل الصحاح)[ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 1/178].
(15)الدر المنثور 2/90. ومعرفة السنن والآثار ، لأبي بكر البيهقي 14/228، رقم (1753). وسنن البيهقي 10/109.
(16)انظر الشورى وأثرها في الديمقراطية ، د. عبد الحميدإسماعيل الأنصاري /70ـ76.
(17)أحكام القرآن 2/52.
(18)انظر الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي، عبد الرحمن عبد الخالق/121.
(19)الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية،لابن هشام، للسهيلي 4/49.
(20)إرشاد الساري شرح صحيح البخاري، في الشروط 4/123.
(21)الروض الأنف ، للسهيلي 3/436.
(22)انظر محمد رسول الله ( سيرته وأثره في الحضارة) ، جلال مظهر /363ـ371. مكتبة الخانجي بمصر 1970م.
(23)مصنف أبي شيبة 5/482.
(24)فتح الباري 17/106.
(25)المرجع نفسه 17/106.
(26)انظر الشورى وأثرها في الديمقراطية ، د. عبد لحميد الأنصاري /98ـ100.
(27)انظر الشورى في الإسلام ، مجموعة بحوث من إصدار المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية ، بحث ( خصائص الشورى ومقوماتها) للدكتور/ محمد سعيد رمضان البوطي . 2/589. عمان ،1989م.
(28)انظر المرجع السابق 2/590ـ591.
(29)سيرة ابن هشام 2/223 ، وعيون الأثر ، لابن سيد الناس 2/60.
(30)انظر أخبار مكة للأزرقي، تحقيق: ويستنفيلد 1/65. لايدن، 1858م.
(31)انظر بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ، للآلوسي 1/257.
(32)انظر المنمق ، محمد بن حبيب، تحقيق: خورشيد أحمد فاروق/54. حيد آباد 1964م.
(33)سيرة ابن هشام 2/443.
(34)رواه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل ، باب وجوب امتثال ما قاله شرعا،دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا، رقم(2361) 4/1835ت1836.
(35)رواه البيهقي في السنن الكبرى 10/114 وما بعدها.
(36)انظر إعلام الموقعين 1/97.
(37)انظر تاريخ عمر بن الخطاب ، لابن الجوزي /101.
(38)انظر الشورى في عهد الخلفاء الراشدين، د. محمد سعيد البوطي (من بحوث الشورى في الإسلام 1/151. المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية).
(39)المرجع السابق 1/162.
(40)(1)انظر ملامح من الشورى في العصر الأموي، د. حسين عطوان (من بحوث الشورى في الإسلام 1/180ـ189)
(41)انظر الشورى في العصور العباسية فكراً وممارسة، د. وهبة الزحيلي (من بحوث الشورى في الإسلام 2/439ـ440).
(42)انظر الشورى في العالم الإسلامي بين سقوط بغداد وقيام الخلافة العثمانية، د. سعيد عبد الفتاح عاشور ( من بحوث الشورى في الإسلام 2/467).
(43)انظر آراء ابن تيمية في الحكم والإدارة، د. حمد محمد آل فريان 2/686دار الألباب، الرياض،1421هـ 2000م.
(44)رواه التبريزي في مشكاة المصابيح 3/1474الحديث رقم(5386)
(45) سيأتي بيان ذلك.
(46)تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، تحقيق: فؤاد عبد النعم أحمد/ 70.مطابع الدوحة الحديثة، 1984م.
(47)انظر الشورى وأثرها في الديمقراطية،د. عبد الحميد الأنصاري/6.
(48)انظر المرجع السابق/7.
(49)انظر فقه الشورى والاستشارة، د. توفيق الشاوي/31.
(50)النمل/52.
(51)الحج/45.
(52)مقدمة ابن خلدون ، تحقيق ومراجعة : د. علي عبدالواحد وافي2/741.دار نهضة مصر، دون تاريخ.
(53)المرجع السابق 2/741ـ742. ، ومعنى (ابذعر) : تفرق.
(54)انظر أم القرى ، عبد الرحمن الكواكبي/183.دار الرائد العربي، بيروت، 1982م.
(55)انظر طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، عبد الرحمن الكواكبي /118، دار القرآن الكريم، بيروت 1973.
(56)الإسلام عقيدة وشريعة/441.
(57)الخلافة والملك/25.
(58) بحوث الشورى في الإسلام ، بحث(خصائص الشورى ومقوماتها) 2/513.
(59)مجوعة بحوث فقهية ، بحث 0حقوق الأفراد في الإسلام) /104.
(60)الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي/93.
(61)انظر بحوث الشورى في الإسلام ، بحث(خصائص الشورى ومقوماتها) د. محمد سعيد رمضان البوطي/514.
(62)ذكر محمد الطاهر بن عاشور اثني عشر قسماً (انظر مقاصد الشريعة الإسلامية ، تحقيق: محمد الطاهر الميساوي/153ـ167).
(63)انظر الروض الأنف للسهيلي 3/63.
(64)انظر المرجع السابق3/426.
(65) انظر الفروق 1/206ـ209 .دار المعرفة، بيروت، دون تاريخ.
(66)زاد المعاد تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرناؤوط 3/489ـ490..مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ 1985م.
(67)الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/18.
(68)انظر مقالة بعنوان (الإسلام والدولة المدنية للدكتور/ سعد الدين العثماني، منشورة في الإنترنت في موقع إسلام أون لا ين)
(69)قدم الدكتور سعد الدين العثماني رؤية جيدة في هذا الموضوع في بحث بعنوان ( تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة . الدلالات المنهجية والتشريعية) نشر في مجلة إسلامية المعرفة عدد(24).
(70)انظر مبادئ نظام الحكم في الإسلام /43.
(71)الطرق الحكمية/13.
(72)انظر السياسة الشرعية ومفهوم السياسة الحديث، محي الدين محمد قاسم /134.المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1418هـ 1997م.