إرسال إلى صديق طباعة أضف تعليق حفظ

الاعتماد على تواطؤ الرؤى

السبت 14 ربيع الثاني 1424 الموافق 14 يونيو 2003  
الاعتماد على تواطؤ الرؤى
د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى

الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله، النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين وبعد ...

فقد كثر الحديث عن الرؤى في هذا الزمن ، وأصبح البعض يسرد الرؤى في إثبات حوادث معينة ، أو في الدلالة على دنوّها وقربها ، وقد يكون من تلك الحوادث ما قد جاء في الأحاديث الصحيحة كالمهدي ، والدجال ونحو ذلك .
ولما رأيت ذلك وأدركت خطورته ، رغبت أن أكتب ما أرجو به من الله التوفيق والسداد لبيان ما ينبغي بيانه في هذا الباب ، لينتفع به كل طالب للحق .
وقد اقتصرت على ما يتعلق بموضوع الاعتماد على الرؤى كالاستناد إلى معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه : « إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ »، وإلى تواطؤ الرؤى والعمل بها ونحو ذلك دون التفصيل في جميع ما يتعلق بالرؤى حيث قد كُتب فيه وأُلقي ما تحصل به الكفاية .
حديث إذا اقترب الزمان

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب...»(1).
فما معنى اقترب الزمان ؟ .
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (2) أقوالا في معناه فمنها :
أن معناه تقارب زمان الليل والنهار ، وهو وقت الاعتدالين.
وإن كان قد رجح أن معناه اقتراب آخر الزمان،ويؤيد هذا المعنى رواية الترمذي:«في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب »(3).
فإذا قيل : نحن في آخر الزمان فينطبق علينا هذا الحديث .
فنقول : إن « آخر الزمان » أمر نسبي ، بمعنى : أن كل جيل بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان يظن أنه في آخر الزمان ؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«بعثت أنا والساعة كهاتين »(4).
وفي الصحيحين (5)عن عبد الله بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد قال ابن عمر فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن .
ففي هذا الحديث إشارة من ابن عمر أن من الناس من كان يظن قيام الساعة في نهاية المائة الأولى من الهجرة .
ومن المعلوم على مر التاريخ من لدن قرن الصحابة رضي الله عنهم إلى القرن الذي نعيش فيه وكل قرن يظنون أنهم في آخر الزمان .
وعلى هذا فتنْزيل : « آخر الزمان » على واقع معين ليس دقيقاً ، وما يدرينا فلعل بيننا وبين الساعة أكثر مما مضى من الزمان بيننا وبين عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وعلى كل حال فلا ينبغي الاستدلال بهذا الحديث على مزية الرؤى في زماننا والأخذ بها والدلالة على تصديقها(6).
التواطــؤ في الرؤيــا
تكلم البعض عن التواطؤ في الرؤيا ، وأن الرؤيا إذا تواطأت دل ذلك على صدقها ؛ بل جزم بعضهم بصدقها بمجرد هذا التواطؤ ؛ بل ورتبوا على هذا الصدق العمل بمقتضى ما دلت عليه .
ولا بد هنا من الإشارة أولاً إلى مستند ما يقال عن التواطؤ لدى البعض .
ذلكم هو حديث ابن عمر رضي الله عنهما : « أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر »متفق عليه(7).
ثم من تمسك بهذا النص أضاف إليه قول ابن حجر : " في هذا الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا ، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية ، بشرط ألا يخالف القواعد الشرعية "(8)، وقال في موضع آخر:"ويستفاد : أن تواطؤ جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها كما يستفاد:قوة الخبر من التوارد على الأخبار من جماعة "(9).
وهاهنـا وقفـات مهمــة :
1 - هل يمكن اعتبار الرؤيا هنا وحدها هي المستند لدى النبي صلى الله عليه وسلم في تعيين ليلة القدر ؟ .
لا يمكن القول بذلك إذ النبي صلى الله عليه وسلم إنما يستند إلى الوحي ، وإنما استأنس النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الرؤيا .
ثم هل يمكن قياس غيره عليه ؟ .
كلا ، فإنه - عليه الصلاة والسلام - وحده الذي يتلقى منه التشريع ، فيكون المعتبر للمسلمين في تعيين ليلة القدر في السبع الأواخر ، أو تأكيدها فيها هو إقرار النبي صلى الله عليه وسلم وقوله .
2 -يدل على ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم استأنس برؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه في الأذان ، وأخذ بالأذان فيها (10)، ذلك الأذان الذي لا يزال شعار المسلمين من لدن ذلك العهد إلى أن تقوم الساعة ، مع أن تلك الرؤيا لم تتواتر ويتواطأ عليها جماعة من الصحابة .
إذاً ، فالمعتمد ليس هو الرؤيا ، وإنما المعتمد إقرار النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعه ، والتشريع يكون بأسباب وطرائق شتى .
ومن ذلـك أيضـا :
ما جاء في المسند (11)عن ربعي بن حراش عن طفيل بن سخبرة أخي عائشة لأمها أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال من أنتم قالوا نحن اليهود قال إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن الله فقالت اليهود وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد ثم مر برهط من النصارى فقال من أنتم قالوا نحن النصارى فقال إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا وإنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد فلما أصبح أخبر بها من أخبر ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال هل أخبرت بها أحدا قال عفان قال نعم فلما صلوا خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من أخبر منكم وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها قال لا تقولوا ما شاء الله وما شاء محمد .
ومن هنا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين استفاد من الرؤى لم يتوقف على تواطئها، ولذا كانت رؤيا عبد الله بن زيد سبباً في مشروعية الأذان، مع عدم وجود التواطؤ فيها .
وكذلك الرؤيا الأخرى كانت سبباً للتنبيه على هذا الخطأ في الألفاظ ، مع عدم تحقق التواطؤ فيها .
مع أن كلاً من الأذان والخطأ في الألفاظ أعظم شأناً من مجرد تعيين ليلة القدر في السبع الأواخر؛ لا سيما الأذان .
وعلى هذا فقد يقال : إن مقتضى هذه الأحاديث إذاً الأخذ بالرؤى وإن لم تتواطأ ، والجزم بصدقها ، والعمل بمقتضاها، وهذا لا يقولون به لبُعده .
فيلزمهم الإجابة عن حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه ، وحديث الطفيل فإن أجابوا بأن العبرة والمستند هو تشريع النبي صلى الله عليه وسلم ، قلنا : كذلك يجاب عن حديث ابن عمر - رَضِيَ الله عَنْهُمَا - ولا فرق .
وخلاصة الأمر : أن التواطؤ الوارد في الحديث لا ينبغي أن نأخذ منه أن تواطؤ الرؤى يحمل على الجزم بها بإطلاق ؛ حيث لا دلالة فيه على ذلك كما تقدم .
3 -أما ما ذكره ابن حجر - رحمه الله - فنقول : إما ألا يسلم بمعنى الجزم بالرؤيا ، ولكن يمكن اعتباره كقرينة لا أكثر ، وكلامه يشعر بذلك ، وقد تقدم ما في الاستدلال بحديث ابن عمر - رَضِيَ الله عَنْهُمَا - من النظر .
وإما أن يقال : قد علَّق ابن حجر ذلك بألا يخالف القواعد الشرعية ، وما يفعله البعض بوضع الرؤى في منْزلة لم يجعلها الشارع لها مخالف للقواعد الشرعية .
وعلى التسليم بكلام ابن حجر واستدلاله فإنما يجري كلامه على التواطؤ الصحيح التام بشروطه ، وهذا ما سأشير إليه في الوجه التالي .
4 -على فرض التسليم بأن التواطؤ يمكن اعتباره دليلاً على صدق الرؤيا ، فإن التواطؤ هنا له شروط من أهمها : صدق من رأى تلك الرؤيا ، فمن أين لنا في هذا الزمن رجالاً كصحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ .
إن من يدعي التواطؤ في بعض الرؤى إنما يعتمد على من لا يمكن الجزم بصدقه وثقته ؛ بل وكثير منهم مجاهيل ؛ كمن يقول : اتصلت بي امرأة ، أو شيخ كبير ، أو طفل..... ، أو عن طريق الهاتف ، وآخر يقول رأت ابنة صديقي ، أو زوجة أحد المشايخ ... في الله هل هؤلاء يفرح بهم في (ادعاء التواطؤ ؟)، وبعضهم أحسن أحواله أن يكون مستور الحال .
فإذاً لا يمكن اعتبار التواطؤ إلا ممن هو معروف بصدقه وثقته وصحة عقله ، فهذا شرط .
ثم شرط ثانٍ وهو : العدد في التواطؤ .
ثم هناك شروط أخرى مثل : ألا تكون الرؤيا من حديث النفس ، أو من وسوسة الشيطان، فإذا دلت القرائن على احتمال كونها كذلك فلا ينبغي التعويل عليها ، فقد تتوارد الرؤى لدى جماعة من الناس في أمر لكثرة تفكيرهم فيه .
فإذا تردد في النفوس أن عهد المهدي ربما قرب زمانه وردده الناس في مجالسهم ، فما الذي يمنع أن يتحول لدى البعض إلى رؤيا مما يحدث نفسه ؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقسيم الرؤيا ، وأن منها ما يحدث المرء نفسه(12).
أما تدخل الشيطان في هذا التواطؤ فغير بعيد ، بمعنى: أن الشيطان قد يأتي لهذا ولذاك من أجل أن يصل إلى تصديق الناس بتلك الرؤيا ؛ ثم يعملون بمقتضاها ، فيتحقق له ما يريد من فتنة ، أو إرجاف ، أو تحزين ، كما في تقسيم النبي صلى الله عليه وسلم المشار إليه قريبا أن الرؤيا قد تكون تحزيناً من الشيطان .
والتحزين قد لا يكون بالرؤيا السيئة فقط ؛ بل قد يكون بالرؤيا الحسنة من الشيطان ، والتي يتعلق بها الشخص ويترقب حصولها ؛ ثم لا تحصل فيقع الحزن حقاً للرائي وبكل من صدقه في رؤياه .
وقد وجدنا أمثلة واقعية لتواطؤ رؤى ؛ ثم انجلى الأمر وظهر أنها من الشيطان .
فمن ذلك قصة محمد القحطاني في فتنة الحرم عام 1400 هـ حيث تواترت الرؤى بأن محمد بن عبد الله القحطاني هو المهدي وهي رؤى كثيرة ؛ ثم في آخر الأمر قتل هذا الرجل وعرف الناس أنه ليس المهدي ، وإن كان أهل العلم قد عرفوا ذلك من قبل .
ومهما حاول البعض أن ينفي وجود التواطؤ في هذه الرؤى فإنه لم يصنع شيئاً ؛ لأن تلك المنامات قد اشتهرت ، والقول بأنها لم تصل إلا إلى بضع عشرة ، وفي أقصى احتمال أنها أربعون ، قد خالفه آخرون فقالوا : إنها كانت أكثر من ذلك ؛ ثم بضع عشرة رؤيا ألا تعتبر تواتراً ، فضلاً عن أربعين رؤيا ؟! .
وأما القول بأن ما وقع من تلك الرؤى قد يكون من حديث النفس فلا عبرة به ، وإنما العبرة بالتواطؤ في الرؤى التي ليست من هذا القبيل ، فهذا هروب لا يفيد شيئاً، إذ هذه دعوى تحتاج إلى دليل، فأهل ذاك الزمن كانوا يجزمون أنها ليست من حديث النفس؛ ثم من يضمن لنا أن تواطؤ الرؤى الآن ليس من قبيل حديث النفس؛ بل ومن وسوسة الشيطان وحِيَلِه؟! ؛ ثم على كل الأحوال هو اعتراف بأن التواطؤ في الرؤى قد يعتريه ما يمنع الأخذ به، ولذا فلا يمكن الركون إليه، حتى على القول بأهميته .
وفي أفغانستان كثرت الرؤى بأشياء كثيرة وانتصارات ، ولم يحصل من ذلك شيء ، وقد كنت أقول للبعض : إن تحزين الشيطان بالرؤيا قد يكون بمثل هذه الرؤى ، إذ يتعلق الناس بها ويعلقون كل آمالهم عليها ، وبعد ذلك لا يرون شيئاً ، فيقع الحزن ؛ بل والشك في نفوسهم ، وهذا من أعظم ما يفرح به عدو الله إبليس ، نعوذ بالله منه ومن وساوسه .
5 -على فرض التسليم أن التواطؤ دال على صدق الرؤيا، وأن التواطؤ حصل في بعض الرؤى التي تذكر هذه الأيام ، فها هنا ثلاثة أسئلة مهمة :
أحدها : هل هذه الرؤى فيها تحديد زمان بعينه ؟
إن المتتبع لرؤى الصالحين ؛ بل وحتى الأنبياء-عليهم السلام-لا يجد تحديداً إلا في القليل منها ، فمثلا رؤيا يوسف-عليه السلام-المذكورة في أول سورة يوسف:(إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)(13)، لم تتحقق إلا بعد سنوات طويلة ، ولم يكن يعلم بذلك ولم يكن في الرؤيا دلالة عليها .
قال ابن حجر في الفتح(14):واختلف في المدة التي كانت بين الرؤيا وتفسيرها , فأخرج الطبري والحاكم والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن سلمان الفارسي قال " كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عاما " وذكر البيهقي له شاهدا عن عبد الله بن شداد وزاد " وإليها ينتهي أمد الرؤيا " وأخرج الطبري من طريق الحسن البصري قال : كانت مدة المفارقة بين يعقوب ويوسف ثمانين سنة وفي لفظ ثلاثا وثمانين سنة , ومن طريق قتادة خمسا وثلاثين سنة , ونقل الثعلبي عن ابن مسعود تسعين سنة , وعن الكلبي اثنتين وعشرين سنة قال وقيل سبعا وسبعين , ونقل ابن إسحاق قولا أنها كانت ثمانية عشر عاما والأول أقوى والعلم عند الله ا.هـ
وكذلك رؤى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ كرؤياه أنه يهاجر إلى المدينة ، ورؤياه في البقر التي تذبح وغيرها ليس فيها إشارة إلى الزمن(15).
نعم في رؤيا الملك):وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون)(16) كان هناك تحديد للسبع لكن بدايتها ليست محددة فيما يظهر،وعلى كل حال فهذه من القليل التي فيها التحديد مع أن قياس غير الأنبياء على الأنبياء -عليهم السلام-غير صحيح ذلك أن تعبير الأنبياء حق وصدق ووحي بخلاف غيرهم ممن يخطئ ويصيب.
السؤال الثاني:أن التواطؤ إنما هو في غالب الأمر فيما يعتقده المعبِّر بتعبيره:
أي: ليست الرؤى تحكي مثالاً واحداً يراه أولئك، أو يرون أمثلة متشابهة، وإنما يعتقد المعبّر أن تعبير هذه الرؤيا، خروج المهدي مثلاً، والرؤيا الثانية يعبرها بخروج المهدي، وإن كانت مختلفة، وهكذا الثالثة والرابعة، .....إلخ .
فنقول : هل تعبير المعبّر مجزوم بصدقه وإصابته؟!
لقد عبّر أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وقد كان معروفاً بالتعبير وهو أبو بكر رضي الله عنه ، ومع ذلك لم يصب وأخطأ في تعبير تلك الرؤيا(17). فما بالنا نجزم بتعبير هؤلاء المعبرين ؟ .
السؤال الثالث : وهو المهم هنا ، على فرض التسليم بأن للتواطؤ أثراً ،وبأن بعض الرؤى قد تواطأت وفق الشروط المعتبرة ، ولزم من ذلك صدقها ، فهل يترتب على هذا أمر عملي ؟ وهل المسلم مطالب بأن يرتِّب خططه وإستراتيجيته بناءً على تلك الرؤيا ؟ ، وهل يترقب ذلك الموعود في الرؤيا ؟ .
أجيب عن هذا في الفقرة التالية .
هل يترتب على الرؤيا عمـل ؟
يذهب البعض إلى أن الرؤيا إذا صدقت لكونها بلغت مبلغ التواتر كما يقولون أو مبلغ التواطؤ واعتقدنا صدقها أننا نبني على هذا العمل بمقتضاها وترتيب الأمور وفق ما دلت عليه.ويستدل على ذلك بأدلة، منها :
1 -قصة يوسف - عليه السلام - في رؤيا الملك : ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُون(45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48)ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُون) (49) (18).
فيوسف عليه السلام رتب على هذه الرؤيا عملاً ، حيث قال :( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ)
2 -حديث ابن عمر رضي الله عنهما : « أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر » متفق عليه(19) وقد تقدم .
فرتب عليه العمل فقال: فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر .
3 -قصة ثابت بن قيس :
فعن عطاء الخراساني قال : قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني عن حديث ثابت بن قيس بن شماس، فأرشدوني إلى ابنته ، فسألتها فقالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)(20)اشتد على ثابت وأغلق بابه عليه..... الحديث إلى أن قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل تعيش حميداً ، وتقتل شهيداً، ويدخلك الله الجنة، فلما استنفر أبو بكر رضي الله عنه المسلمين إلى قتال أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب سار ثابت بن قيس فيمن سار ، فلما لقوا مسيلمة وبني حنيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات ، فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة : ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا لأنفسهما حفرة فدخلا فيها فقاتلا حتى قتلا ، قال وأُري رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال : إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع مني درعا نفيسة، ومنْزله في أقصى العسكر وعند منْزله فرس يستن في طوله وقد أكفأ على الدرع برمة ، وجعل فوق البرمة رجلا ، فائت خالد بن الوليد فليبعث إلى درعي فليأخذها ، فإذا قدمت على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أن عليّ من الدين كذا وكذا ، وفلان من رقيقي عتيق ، وإياك أن يقول هذا حلم تضيعه .
قال فأتى خالد بن الوليد فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر ، وقدم على أبي بكر رضي الله عنه فأخبره فأنفذ أبو بكر رضي الله عنه وصيته بعد موته ، فلا نعلم أن أحدا جازت وصيته بعد موته إلا ثابت بن قيس بن شماس .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/322) : "رواه الطبراني ، وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقية رجاله رجال الصحيح ، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابية ، فإنها قالت : سمعت أبي ، والله أعلم " .
هذا ما يمكن الاستدلال به للعمل بالرؤى ، والجواب عن هذه الاستدلالات ما يلي :
1-أما الآية فقد قدمنا أن غير الأنبياء لا تقاس رؤاهم على رؤى الأنبياء - عليهم السلام - ؛ لأنها وحي إلهي ، وكذلك تعبيرهم لا يقاس على تعبير الأنبياء ، كما تقدم ؛ لأنه مؤيد بالوحي .
2-أما الحديث : « أرى رؤياكم قد تواطأت » ، فقد قدمنا أن العمل ليس بمقتضى الرؤى ؛ وإنما هو بمقتضى إقرار النبي صلى الله عليه وسلم وقوله .
3-أما قصة ثابت بن قيس ؛ فليت شعري من لي بصحتها فإن الهيثمي تردد قليلاً فيها ؛ حيث حكم على ابنة ثابت بالجهالة، ولم يجزم بصحبتها .
وعلى فرض صحة هذه القصة فمن لنا بمثل الصحابة - رضي الله عنهم - فالرائي فيها والمرئي والناقل والحاكم كلهم صحابة عدول ، فهل لنا بمعشارهم ؟ ! .
بل في القصة ما يفيد أن ذلك لم يحدث في غيرها حتى في عصر الصحابة ، وإنما أنفذوا الوصية فيها لما احتف بها من قرائن .
وعلى التسليم بعموم الاستدلال بها هل مجرد إنفاذ وصية شخصٍ من الناس لا يتعدى الضرر فيها - لو وجد - هَذا الشخصَ ومالَه وأهلَه وهو ضرر نسبي فيها يتعلق بالوصية .
هل ذلك كمثل الأخذ بالرؤيا لدفع الأمة إلى أمر خطير وتعبئة الناس لعمل لا يسلم من دماء وأموال ؟! .
لا شك أن إلحاق هذا بذاك مما لا يقره لبيب فقيه ، وقد قال الشاطبي - رحمه الله - في هذه القصة: "إنها قضية عين لا تقدح في القواعد الكلية لاحتمالها؛ فلعل الورثة رضوا بذلك "(21).
وقد يستدل البعض على العمل بالرؤيا بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة »(22).
وقد جاءت أحاديث بهذا المعنى وان اختلفت في النسبة ؛ حيث في بعضها كما هنا جزء من ستة وأربعين، وفي بعضها جزء من سبعين(23)وذكر بعضهم في ذلك خمسة عشر لفظاً ، وللعلماء كلام في توجيهها ، ليس هذا موضع بسطه .
أقول : قد يستدل البعض بذلك فيقول: ما دامت الرؤيا جزءاً من النبوة فإن النبوة لا تكذب ، وعلى هذا فهي صادقة ويترتب عليها عمل .
فأقول وبالله التوفيق : إن مما يدل على فساد هذا النظر أنه ينتهي بصاحبه إلى الزيادة على التشريع والله تعالى يقول : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم)ٌ (24).
حيث إن المقدمتين المذكورتين وهما كون الرؤيا من الوحي وكون الوحي لا يكذب ، تؤديان إلى هذه النتيجة . فقد يحتج علينا الآخذون بالرؤى في الأحكام الشرعية بهاتين المقدمتين (25).
وقد يقول قائل :وهل في هاتين المقدمتين شك ؟ .
نقول : إن هذا هو مكمن الخطورة ؛ حيث إن الإطلاق ، وعدم فهم كون الرؤيا جزءاً من النبوة يوقع في الخلل ، وفي هذا يقول الشاطبي - رحمه الله - : " وربما قال بعضهم : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقال لي : كذا ، وأمرني بكذا ، فيعمل بها ويترك بها، معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة ، وهو خطأ لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال ، إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية ، فإن سوَّغتها عمل بمقتضاها ، وإلا وجب تركها ، والإعراض عنها ، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة ، وأما استفادة الأحكام فلا ، فلو رأى في النوم قائلاً يقول : إن فلانا سرق فاقطعه ، أو عالم فأسأله ، أو اعمل بما يقول لك ، أو فلان زنى فحده ، وما أشبه ذلك ، لم يصح له العمل حتى يقول له الشاهد في اليقظة وإلا كان عاملاً بغير شريعة، إذ ليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي .
ولا يُقالُ : إن الرؤيا من أجزاء النبوة ، فلا ينبغي أن تُهْمَلَ ، وأيضاً إن المخبر في المنام قد يكون النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد قال : « مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِي حَقَاً ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّل بِي » فإخباره في النوم كإخباره في اليقظة .
لأنا نقول : إن كانت الرؤيا من أجزاء النبوة فليست إلينا من كمال الوحي ؛ بل جزء من أجزائه ، والجزء لا يقوم مقام الكل في جميع الوجوه ؛ بل إنما يقوم مقامه في بعض الوجوه ، وقد صُرِفَتْ إلى جهة البشارة والنذارة .
وأيضاً ، فإن الرؤيا التي هي جزء من أجزاء النبوة من شرطها أن تكون صالحة من الرجل الصالح ، وحصول الشروط مما ينظر فيه ، قد تتوفر ، وقد لا تتوفر .
وأيضاً فهي منقسمة إلى الحلم وهو من الشيطان ، وإلى حديث النفس ، وقد تكون بسبب هيجان بعض أخلاط ، فمتى تتعين الصالحة حتى يحكم بها وتترك غير الصالحة ؟ ويلزم أيضاً على ذلك أن تكون تجديد وحي بحكم بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو منهي عنه بالإجماع .
يُحكى أن شريك بن عبد الله القاضي دخل على المهديِّ ، فلما رآه قال : « عليَّ بالسيف والنِّطْع ، قال : ولم يا أمير المؤمنين ؟ قال: « رأيت في منامي كأنك تطأ بساطي ، وأنت معرض عني ، قصصت رؤياي على من عبَّرها ، فقال لي : يظهر لك طاعة ، ويضمر معصية ، فقال له شريك : والله ما رؤياك برؤيا إبراهيم الخليل عليه السلام ، ولا أن معبرك بيوسف الصديق عليه السلام ، فبالأحلام الكاذبة تضرب أعناق المؤمنين ؟ فاستحيى المهدي ، وقال : اخرج عني ؛ ثم صرفه وأبعده » ا.هـ
سؤال : لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أن فلاناً هو المهدي ، فهل يأخذ بذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ رآني فقد رأى الحق، وفي لفظ فقد رآني، لا يتمثل الشيطان بي »(26).
الجواب:قد تضمن كلام الشاطبي قاعدة في هذا ، وهي : أن الأخذ بالرؤيا على الإطلاق خطأ محض .
وأما الجواب عن الحديث فقد قال ابن حجر - رحمه الله - : "وقوله لا يستطيع أن يتمثل بي " يشير إلى أن الله تعالى - وإن أمكن الشيطان من التصور في أي صورة أراد فإنه لم يمكنه من التصور في صورة النبي صلى الله عليه وسلم -، وقد ذهب إلى هذا جماعة فقالوا في الحديث : إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها"(27).
وذكر الحافظ - أيضاً - عن أيوب قال : " كان محمد - يعني ابن سيرين - إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال : صف لي الذي رأيته ، فإذا وصف له صفة لا يعرفها قال : لم تره" . وسنده صحيح .
قال الحافظ : "ووجدت له ما يؤيده : فأخرج الحاكم من طريق عاصم بن كليب : حدثني أبي ، قال: قلت لابن عباس : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : صفه لي ، قال : ذكرت الحسن بن علي ، فشبهته به ، قال : قد رأيته ". وسنده جيد .ونحو ما قال ابن حجر قال آخرون كابن رشد والشاطبي(29).
فعلم من هذا أن مجرد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام لا تدل قطعاً على أنه شخصه الشريف حتى تنطبق عليه الصفات .
وهنا تنبيه مهم وهو أن تطبيق صفة النبي صلى الله عليه وسلم المنقولة في السنة على الشخص المرئي في المنام قد يعتريها الخطأ ، ومن أجل هذا فلا ينبغي الجزم بكون النبي صلى الله عليه وسلم هو المرئي ، وعليه فما كان من أمرٍ منه في المنام فإنه يُعرض على الشرع من جميع الجوانب .
وقد ذُكر أن رجلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقال له : اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه ركازاً فخذه لك ، ولا خمس عليك فيه ، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع ، فحفره فوجد الركاز فيه ، فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأن لا خمس عليه لهذه الرؤيا، وأفتى العز بن عبد السلام بأن عليه الخمس ، وقال : أكثر ما ينْزل منامه منْزلة حديث صحيح ، وقد عارضه ما هو أصح منه ، وهو حديث في الركاز الخمس(30).
فانظر إلى فقه العز بن عبد السلام حيث لم يُبالِ بهذه الرؤيا في مخالفة ما جاء في الشرع ، ولم يكن له حاجة أن يتأكد من صفات من رأى ، ومثل ذلك ما جاء عن ابن رشد أنه سئل عن حاكم شهد عنده عدلان مشهوران بالعدالة في قضية فلما نام الحاكم رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : « مَا تَحْكُم بِهَذِهِ الشَّهَادَة فَإِنَها بَاطِلة » ، فأجاب ابن رشد : لا يحل له أن يترك العمل بتلك الشهادة لأن ذلك إبطال لأحكام الشريعة بالرؤيا وذلك باطل (31).
فإذا تبين أن الرؤيا صالحة ومن رجل صالح ، وظهر لنا صدقها وأنها ستقع ، فلا بأس بكل ذلك من غير جزم، ولكن لا ينبغي بحال أن يرتب المسلم عليها عملاً بناء على أنها جزء من النبوة ؛ لأنك مهما عرفت صدق الرائي وصلاحه ، وصدق الرؤيا وصلاحها فلا يمكن الجزم بأنها جزء من النبوة ؛ ثم مع كل ذلك فلا يجوز التعامل معها ، كما نتعامل مع الوحي ، وإلا كان ذلك هو عين ما يفعله المبتدعة ، وكان تشريعاً من دون الله استناداً إلى المنامات .
فالرؤيا لا تعدو أن تكون بشارة - كما أشار الشاطبي ، وكما سنشير إليه في الفقرة التالية - ولا يجوز وضعها بمنْزلة الوحي في العمل بموجبها ، لا من حيث الوجوب، ولا من حيث الجزم بها .
وقد استشهد البعض بكلامٍ لأهل العلم يحمله على صحة العمل بالرؤيا ولا سيما إذا تواطأت . فمن ذلك :
ما تقدم من كلام الحافظ ابن حجر حول حديث ابن عمر - رَضِيَ الله عَنْهُمَا - : « أرى رؤياكم قد تواطأت » وقد تقدم الكلام عليه ومناقشته .
ومن ذلك ما ينقله البعض عن شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ حيث قال في منهاج السنة
:"والقول بكون الرجل المعين من أهل الجنة قد يكون سببه إخبار المعصوم وقد يكون سببه تواطؤ شهادات (32)المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال : وجبت وجبت ، ومر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال : وجبت وجبت ، فقالوا : يا رسول الله ، ما قولك : وجبت وجبت ؟ ، قال : هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا فقلت : وجبت لها الجنة ، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت : وجبت لها النار ، أنتم شهداء الله في الأرض » .
وفي المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار ، قالوا : بم يا ر سول الله ؟ ، قال : بالثناء الحسن والثناء السيء » .
وقد يكون سبب ذلك تواطؤ رؤيا المؤمنين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لم يبق بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها الرجل المؤمن الصالح ، أو ترى له ، وسئل عن قوله تعالى : ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)ُ (33) قال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له » . وقد فسرها - أيضا - بثناء المؤمنين فقيل : يا رسول الله، الرجل يعمل، العمل لنفسه فيحمده الناس عليه ، فقال : « تلك عاجل بشرى المؤمن » .
والرؤيا قد تكون من الله ، وقد تكون من حديث النفس ، وقد تكون من الشيطان ، فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على أمر كان حقا ، كما إذا تواطأت رواياتهم أو رأيهم فإن الواحد قد يغلط أو يكذب وقد يخطئ في الرأي ، أو يتعمد الباطل ، فإذا اجتمعوا لم يجتمعوا على ضلالة وإذا تواترت الروايات أورثت العلم ، وكذلك الرؤيا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في السبع الأواخر ، فمن كان منكم متحريها فيلتحرها في السبع الأواخر » . اهـ .
والجواب عن مثل هذه النقول ما يلي:
أولاً : قد قلت : إن البعض يستشهد بها ، وإن كان سياق بعضهم إنما هو استدلال لا استشهاد، وهذا لا يستقيم مع كلام غير المعصوم صلى الله عليه وسلم فإن كلام غيره يستدل له ولا يستدل به كما هو معلوم مقرر مجمع عليه . وإذا كان كذلك كان الواجب على المسلم أن يتأمل النصوص الشرعية وما تحتمله دون أن يتلمّس من أقوال العلماء ما يوافق استدلاله وإن كان قد لا تحتمله دلالة النصوص .
ثانياً : إن سياق مثل هذا الكلام في إثبات أن الرؤيا يترتب عليها عمل ، هو سياق في غير محله وتحميل لكلام شيخ الإسلام ما لا يحتمل ، وإذا تأملت كلامه هنا وجدت أنه يتكلم عن صدق الرؤيا فإن التواطؤ يدل على صدقها ولم يجعل ذلك سبباً للعمل بها كما قد يفهم البعض منها العمل بالرؤى .
وقد بينا فيما تقدم أنه لا تلازم بين اعتقاد صدق الرؤيا وبين العمل بمقتضى ذلك .
بل إن شيخ الإسلام هنا إنما يتحدث عن أمر لا يترتب عليه عمل أصلاً ، وهو بشارة للمؤمن حياً أو ميتاً بأنه من أهل الجنة ولم يجعل ذلك سبباً لعمل معين .
ثالثاً : قد بينا فيما تقدم أن التواطؤ إذا قيل به فإنما يقال به عند تحقق شروطه ، وعليه يحمل كلام شيخ الإسلام وغيره ممن ذكر التواطؤ، أما تواطؤ لا ندري ما هو وكيف هو وبمن حصل ، فحاشا شيخ الإسلام أن يقول به ، وحاشاه من التعلق بالرؤى ، والاعتماد عليها .
رابعاً : إن شيخ الإسلام - رحمه الله - قد بيّن في مواضع أخرى أن الاعتماد على الرؤى خطأ، فقد قال في الفتاوى(33):" ..وغالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء ( يعني القبورية ): أن يدعي أنه رأى مناما أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل على صلاح ساكنه إما رائحة طيبة وإما توهم خرق عادة ونحو ذلك وإما حكاية عن بعض الناس أنه كان يعظم ذلك القبر .
فأما المنامات فكثير منها بل أكثرها كذب وقد عرفنا في زماننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبي أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك . ويكون كاذبا وهذا الشيء منتشر . فرائي المنام غالبا ما يكون كاذبا وبتقدير صدقه : فقد يكون الذي أخبره بذلك شيطاناً . والرؤيا المحضة التي لا دليل يدل على صحتها لا يجوز أن يثبت بها شيء بالاتفاق " .
وقال في الرد على المنطقيين(34): " وأما الرؤيا فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة فيراه في المنام ورؤيا من الشيطان فقد بين الصادق المصدوق أن من الرؤيا ما هو من حديث النفس ومنها ما هو من وسوسة الشيطان وقد امرنا سبحانه أن نستعيذ من هذين الوسواسين في قوله قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس الناس ولا بد من التمييز بين الصدق والكذب وليس فيما ذكروه ولا فيما يذكره غيرهم ما يميز بين هذا وهذا ولا يميز بين هذا وهذا مطلقا إلا الأنبياء ولهذا أمرنا الله أن نؤمن بكل ما جاء به الأنبياء فإنهم معصومون لا يقرون على الخطأ فيما يبلغونه عن الله باتفاق المسلمين قال تعالى قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ، وقال تعالى ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين .
ولهذا كان أهل الرياضة والزهد والعبادة من الصوفية وغيرهم يرون أشياء في الباطن يظنونها حقا ويكون باطلا ولهذا يقول من يقول من أهل العلم كأبى القاسم السهيلى وغيره نعوذ بالله من قياس فلسفي وخيال صوفي وهذا مما كان يقوله شيخه أبو بكر بن العربي ".
وقال في درء التعارض (35) في كلامه عن الكشف : " وكثيرا ما تتخيل له أمور يظنها موجودة في الخارج ولا تكون إلا في نفسه فيسمع خطابا يكون من الشيطان أو من نفسه يظنه من الله تعالى حتى أن أحدهم يظن أنه يرى الله بعينه وأنه يسمع كلامه بأذنه من خارج كما سمعه موسى بن عمران ومنهم من يكون ما يراه شياطين و ما يسمعه كلامهم وهو يظنه من كرامات الأولياء وهذا باب واسع بسطه موضع آخر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الرؤيا ثلاثة رؤيا من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه في اليقظة فيراه في المنام وكثيرا ما يرى الإنسان صورة اعتقاده فيكون ما يحصل له بمكاشفته ومشاهدته هو ما اعتقده من الضلال حتى أن النصراني يرى في كشفه التثليث الذي اعتقده وليس أحد من الخلق معصوما أن يقر على خطأ إلا الأنبياء فمن أين يحصل لغير الأنبياء نور إلهي تدرك به حقائق الغيب وينكشف له أسرار هذه الأمور على ما هي عليه بحيث يصير بنفسه مدركا لصفات الرب وملائكته وما أعده الله في الجنة والنار لأوليائه وأعدائه " ا.هـ
فإن قيل : إذا لم يترتب على الرؤيا عمل فما فائدة الرؤيا ، وما موقف المسلم منها؟
جواب هذا في الفقرة التالية :
الرؤيـا مبشــرات
في البخاري في كتاب التعبير ( باب المبشرات ) وساق فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة"(36).
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ...الحديث(37).
وفي الترمذي في كتاب الرؤيا (باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات ) ثم ساق الحديث عن المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي "قال فشق ذلك على الناس ،فقال : لكن المبشرات . قالوا : يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال :" رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة "(38).
وعند الإمام أحمد (39) وابن ماجه(40) عن أم كرز الكعبية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذهبت النبوة وبقيت المبشرات .
وعند الإمام أحمد (41)عن أبي الطفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبوة بعدي إلا المبشرات ، قال : قيل وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : "الرؤيا الحسنة أو قال الرؤيا الصالحة ".
وعند الإمام أحمد أيضا(42)عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات . قالوا : يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له ".
قد تأملت هذه النصوص كثيراً فوجدت أنها تؤكد هذا المعنى أن الرؤيا بشارة ، وكأن في هذا قصراً لها على هذه الغاية وهي أن تكون بشارة للمسلم ، ولا مانع أيضاً أن تكون بشارة لجماعة المؤمنين أي : للأمة ، وقد تقدم من كلام الشاطبي ما يفيد هذا المعنى ؛ حيث قال: "وإنما فائدتها البشارة، أو النذارة خاصة" .
وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن نضع الرؤيا موضعاً أبعد من هذا الغرض، فالرؤيا حين يراها المسلم لنفسه أو ترى له تبعث في نفسه التفاؤل ؛ لكنه لا يركن إليها ولا يغتر بها ، ولا يرتب أموره على وفقها ، فهي تشبه بعض المعالم على الطريق التي توحي لك أنك على الجادة ، لكنك لا يمكن أن تعدّل مسارك على وفقها ؛ لأنها غير مؤكدة .
ولذا قال الإمام الرباني الفقيه حقاً أحمد بن حنبل - رحمه الله - : " الرؤيا تسر ولا تغر "، فعن المروذي قال: أدخلت إبراهيم الحُصْري على أبي عبد الله - أي: الإمام أحمد - وكان رجلاً صالحاً فقال : إن أمي رأت لك مناماً ، هو كذا وكذا ، وذكرت الجنة ، فقال : يا أخي ، إن سهل بن سلامة كان الناس يخبرونه بمثل هذا ، وخرج إلى سفك الدماء، وقال : الرؤيا تسر المؤمن ولا تغره .
وعن محمد بن يزيد قال : كانوا يرون لوهيب أنه من أهل الجنة ، فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه ، وقال: " قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان " .
وعلى هذا فالمؤمن يسير وفق ما أمره الله تعالى في جميع أموره ، وعلى المنهج الصحيح الذي يأخذ بالأسباب وبكل ما ينبغي الأخذ به ، وعلى وفق ما يعلم من الواقع أو ما يتوقعه من المستقبل حسب المعطيات الصحيحة ، لا مجرد منامات الله أعلم بها ثم بعد ذلك لا يضيره أن يستأنس بالرؤيا ويتفاءل بها فقد كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل(43).
هل تكون الرؤيا إنذاراً وتحذيراً ؟
يجيب الحافظ ابن حجر نقلا عن المهلب (44).
: " التعبير بالمبشرات خرج للأغلب ، فإن من الرؤيا ما تكون منذرةً وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقاً به ليستعد لما يقع قبل وقوعه " اهـ .
وأقول : إن الإنذار هو بشارة في المآل كما دل عليه كلام المهلب .
فرق بين تحليل الأحداث والاعتماد على الرؤى
قد يتحدث البعض عن توقعات المستقبل ، ولا أحد يحجر على الناس توقعهم وتحليلهم للأحداث .. .
ولكن حينما يجزم البعض بذلك مستنداً إلى الرؤى فهنا يكمن الخطر، وهذا ما يُنكر من وضعٍ للرؤيا في غير موضعها .
هذا المسلك مشتمل على محذورين :
أحدهما : الاعتماد على الرؤى .
والثاني : الجزم بالحدث المتوقع .
وكلاهما محذور حتى لو انفرد بنفسه فكيف إذا اجتمعا ؟!
ولذا فمن اعتمد على الرؤى ، وإن لم يجزم لم يسلم من الخطأ ، ومن جزم بتوقعاته وتحليلاته للمستقبل ، وإن لم يعتمد على الرؤى فقد جانب الصواب أيضاً .
ويضاف إلى هذا أن توقعات المستقبل التي لا تستند إلى معطيات مدروسة من الواقع ، وسَبْر للأحداث المتعاقبة ، ودراية باستراتيجيات الدول وأهدافها ونحو ذلك تصبح تلك التوقعات ضرباً من التخرص والرجم بالغيب ينأى المسلم بنفسه عنها ،وهي لا تفيد مسار الأمة شيئاً حين تخلو من تلك المقوّمات .
وعلى هذا فيمكن إيجاز ضوابط التوقعات والاحتمالات المستقبلية ، أو ما يمكن تسميته باستشراف المستقبل بما يلي :
1-أن تكون ثمرةً لدراسة بل لدراسات عميقة للأحداث الماضية ولأهداف الدول واستراتيجياتها وخططها المستقبلية .
2-أن تكون ذات أكثر من احتمال ، فإن التوقع المقتصر على احتمال واحد فيه قصور ظاهر .
3-ألا تكون بصيغة الجزم واليقين .
خروج من يدعي المهدي
قد يذكر البعض ما يتعلق بالمهدي من رؤى وأنه يوشك أن يخرج ، ويجزم بذلك بناءً على تواطؤ الرؤى كما يقال .
ومع ذلك يذكر أن هناك من الرؤى ما يفيد خروج من يدعي أنه المهدي ، ولا يكون كذلك .
والسؤال هنا : ما الأسباب لخروج من يدعي أنه المهدي ؛ بل ربما التبس عليه الأمر وتوهم أنه المهدي وانخدع بذلك من يتبعه ؟!
لا أشك أن من أعظم الأسباب هو الاعتماد على الرؤى كما حدث في قضية محمد القحطاني التي أشرنا إليها سابقاً .
وحينئذٍ فإن ما أخشاه هو أن يكون من يردد الرؤى عن المهدي مشاركاً في خروج المهدي المُدّعي الذي حذر منه بنفسه بناءً على الرؤى التي وجدت .
اعتماد الرؤى وتنـزيل أحاديث الفتن
إن الاعتماد على الرؤى منهج خطير كما أسلفنا ، وإذا أضيف إليه تنـزيل أحاديث الفتن على الواقع، فقد اقترن منهج خطير بمنهج خطير .
إن تنـزيل أحاديث الفتن وأشراط الساعة على الواقع مزلة أقدام ، وكم شطحت فيه من أحلام وضل فيه فئام . ولذا فإن على المسلم ألا يتعجل في هذا الباب ؛ بل الإعراض عنه أسلم .
وقد وقفت حول علامات الساعة ونحو ذلك مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع فتن وملاحم فظهر لي أن النصوص ليس فيها تطلّب معرفة تلك العلامات والبحث عنها ؛ بل الظاهر أنها تقع فيعرف أهل العلم بعد وقوعها أنها هي التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بل يعرف ذلك كل من كان عنده منها علم، ولو قيل: إن علمهم بها يقع في نفوسهم لا يتكلفونه لم يكن ذلك بعيداً.
ولم أجد في النصوص ما فيه تحرٍّ لمعرفته سوى الدجال نعوذ بالله منه ، وليس فيها التحري والبحث بل فيها التحذير منه ، فإن التحذير قد ورد في النصوص خشية الالتباس فيه إذا خرج ،مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحذر من اعتقاد شخص أنه الدجال وليس كذلك ؛ بل حذرنا من اللبس في شأن الدجال إذا خرج وعدم معرفته .
وهذا قد يفيد أن وجود الالتباس أن شخصاً ما هو الدجال بعيد ، ومع هذا أيضاً فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال مكتوب بين عينيه كافر يقرؤها كل مؤمن كاتب وغير كاتب(45).
وفي هذا إشارة إلى العناية العظيمة بالإيمان وبكل ما يزيده ويكمله ، وأن النجاة من الدجال ليست بالعقل والثقافة ، وإنما تكون بالإيمان والعمل الصالح حتى إن المؤمن يُهدى لمعرفته ، وإن كان أمياً لا يعرف القراءة فيقرأ في جبين الدجال أنه كافر .
وإذا كان هذا في شأن الدجال فهو أيضاً في شأن أشراط الساعة الأخرى أيضاً وفي أحاديث الفتن والملاحم .فعلى المسلم أن يأخذ بالمنهج النبوي القائم على الاعتماد على كل ما من شأنه زيادة الإيمان من علم نافع ، وعمل صالح يشمل ذلك أعمال القلوب والجوارح ؛ ثم الأخذ بالأسباب على وفق قوله تعالى : ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)(46)وغير ذلك من الآيات .
أما المشتغل بالتنـزيل فلا أظنه إلا سينشغل عما هو أهم منه .
ومن أمثلة التنـزيل الخطير تنـزيل البعض ما جاء في السفياني على صدام حسين وهذا من أعجب ما رأيت من التنـزيل فإن ما جاء في السفياني ليس فيه من المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث واحد أو اثنين ولم يثبت عند أهل العلم بالحديث شيء منها .
ولو ثبت فليس في الحديث المرفوع الوارد علامة يمكن انطباقها على صدام حسين ، وأما بقية ما ورد فيه من موقوفات على الصحابة أو آثار عن غيرهم ، كما في الفتن لنعيم بن حماد ، فإنها تذكر تفصيلات كثيرة فيها تعارض فيما بينها؛ ثم إنها بمجموعها تزيد انطباقها على صدام حسين بُعداً(47).
ثم ليت شعري ماذا يقول الآن هؤلاء بعد ما حدث لصدام ، ولاسيما حين يتبين موته أو لجوؤه .
سؤال : قد يقول قائل إذا لم يكن للتنـزيل فائدة وللبحث والتحري أهمية فلم تذكر النصوصُ تلك الأحداثَ والأشخاصَ ..؟!
والجواب من وجوه:
1-يمكن أن يقلب السؤال فيقال فما الفائدة إذاً من ذكر الدابة وطلوع الشمس من مغربها والخسوف الثلاثة وأمثال ذلك مما لا يمكن معرفته إلا بوقوعه ، والغالب ألا يشتبه أمره ، بمعنى أن البحث عن كون هذه هي الدابة مثلاً أم لا ، لا حاجة له ، والله أعلم.
2-أن الفائدة من ذلك هي اليقين بصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ الإخبار عن المغيبات من علامات نبوته ؛ ثم اليقين بأن علامة من علامات الساعة قد وقعت كما في حديث جبريل - عليه السلام - : «وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا».
3-أننا نقول لمن يتكلف البحث عن المهدي أو عن السفياني أو عن الرجل القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه ، هل هذا التكلف من أجل نصرته ؟ (48).
إن المهدي يقوم بهذا الدين كما يقوم به غيره من المصلحين ، ولكنه سيكون أصلح منهم وأتقى لله ، فيجري الله على يديه من الخير ما لم يكن لمن قبله ، وعلى هذا فإن واجب النصرة لا يختص بالمهدي ؛ بل بكل مصلح قائم لله بالحق فلا حاجة للتكلف في البحث عنه ؛ بل المسلم الذي ينصر المصلحين ويؤيدهم سيكون أول الناس نصرةً للمهدي إن أدركه حتى لو لم يعلم بذلك إلا فيما بعد .
وتأمل في أحاديث المهدي ، أو نزول عيسى بن مريم - عليه السلام - لتجد أن من أكرمهم الله فصاروا جنداً لهم لا يركنون إلى ما ورد في الأحاديث فيها ، وهم بلا شك على علم بها مع أن تلك الأحاديث واضحة الدلالة في أن العاقبة والنصر والتمكين للمهدي، وكذلك لعيسى بن مريم - عليه السلام -، حين ينـزل بعده أو في زمنه كما صرحت بذلك بعض الروايات .
ولا يستريب مسلم أن من أدرك المهدي أو عيسى عليه السلام فقعد عن نصرتهما اتكالاً على أنهما سينصران كما في الأحاديث فذلك الضلال بعينه .
ونزيد قضية المهدي إيضاحاً فنقول :
ـ لم يأت في الأحاديث أنه يُستدل على المهدي بالرؤى والمنامات ولا أنها تسبقه.
ـ لم يأت في الأحاديث التحذير من الالتباس في أمره كما جاء ذلك في الدجال؛ بل الظاهر أن المهدي إذا خرج عرفه المسلمون دون التباس.
ـ ومن تأمل الأحاديث تبين له أن المهدي لا يبتدع أمراً جديداً يحتاج فيه إلى إيمان الناس به ؛ بل إنما هو قائد مصلح كغيره من المصلحين كما تقدم .
فكما أن كل مصلح قائم لله بالحق تجب إعانته ما دام عمله وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك المهدي حين يقوم فإنما يقوم معه من كان يتمثل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)(49).
وعلى هذا فلا حاجة إلى الترقّب والتطلع والبحث عن المهدي وعن قرب زمنه ؛ بل يجب الاشتغال بما أمر الله تعالى به من العلم النافع والعمل الصالح ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والجهاد في سبيل الله تعالى ، وإعانة كل داع إلى الخير ، وآمر بالمعروف ، وناهٍ عن المنكر ، ومجاهد في سبيل الله .
فمن فعل ذلك فهو حريّ أن يكون من أول أنصار المهدي إن أدرك زمنه ، وإن لم يدرك زمنه فقد فعل ما ينبغي فعله من المسلم الذي يعمل لدين الله ويرجو ثواب الله .
4 -أن من خفيت عليه علامة من علامات الساعة ، أو لم يتيقن أن هذا الحدث هو الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان في حقيقة الأمر كذلك فلا لوم عليه ، وليس الإيمان بذلك على الواقع من مستلزمات الإيمان أو أركانه أو شروطه ، وإنما الواجب هو الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وأما معرفته في واقع الأمر فقد يمنع منه موانع كثيرة لا يلام المسلم فيها ما دام ذلك لم ينشأ عن عدم تصديق بالنصوص أو شك فيها .
وختاماً فإن الجزم بأن كذا هو الوارد في الحديث من أحاديث الفتن وعلامات الساعة ، ربما حمل البعض على الشك بها ، أو حملهم على نوع من السخرية ، ومثل ذلك الاعتماد على الرؤى .
وقد قال الله تعالى:( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون)َ(50).
وبيان ذلك أن هذا الجزم سيتبين عاجلاً في اختبار دقيق على صفحة الواقع ، فإذا لم يقع ما جزم به من تكلم في أحاديث الفتن ، وما جزم بن المعبرّ ، فهنا ستجد المشككين في أصل الأحاديث والساخرين بشيء منها ، أو بالرؤى جملةً وتفصيلاً ، وإنما فتح هذا الباب من جزم .
وقفـــة أخيــرة
هل تعبير الرؤيا فتيا ؟
نسمع أحياناً أن تعبير الرؤيا فتيا، وأن من عبّر بغير علم فكأنما أفتى بغير علم، وقد يُستدل بأن الله تعالى سمى تعبير الرؤيا فتيا ؛ كما قال تعالى : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان )(51) ، وقوله : (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )(52)،وقوله:(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)(53).
وقد يذكر في هذا الباب ما يُروى عن الإمام مالك - رحمه الله -(54)أنه سُئل : أيعبّر الرؤيا كل أحد ؟ ، فقال: أبالنبوة يُلعب ؟ ؛... إلى أن قال : الرؤيا جزء من النبوة ، فلا يتلاعب بالنبوة .
ولكنَّ إطلاق أن التعبير كالفتوى فيه نظر من وجوه :
1 - أن العلم المقصود بالرؤيا غير محدد ولا منضبط فهل المقصود أن يكون من المعبرين المشهورين ؟ .
هذا لا يمكن القول به لأنه تعليق على العرف ولربما كان معبرٌ غير معروف أكثر درايةً من المعروف، ثم إنه يلزم فيه الدور فقبل أن يعرف بأي شيء كان يعبر ؟!
إذاً فالعلم في تعبير الرؤيا لا يمكن ضبطه، بخلاف العلم بالفتيا فهو واضح منضبط فمن لم يعرف حكم المسألة بدليلها من كتاب أو سنّة فليس عنده علم في هذه المسألة إلا أن يكون ناقلاً عن غيره فيكون ناقلاً للفتوى وفي نقل الفتوى خلاف .
2 -أن هذا الإطلاق ( بأن التعبير كالفتوى ) يخالفه حديث ابن عباس - رَضِيَ الله عَنْهُمَا - في الصحيحين، في الذي رأى ظلة تنطف السمن والعسل – وقد تقدم - ، ففيه أن أبا بكر رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في تعبير الرؤيا فأذن له ، ولو كان التعبير كالفتيا من كل وجه لما تجرأ رضي الله عنه على ذلك، ثم لما أخطأ في تعبيره وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره بخطئه قال: لا تقسم ولم يخبره ، ولو كان التعبير كالفتيا لأخبره؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم .
3 -أما الآيات المذكورة فإن مجرد التسمية بالفتيا لا أثر لها ، فإن لفظ (أفتى) هو في اللغة بمعنى شرح وأبان ، قال في لسان العرب ( مادة فتا ): أفتاه في الأمر: أبانه له إلى أن قال : يقال : أفتيت فلاناً رؤيا رآها إذا عبّرتها له ، أ.هـ .
وقد ذكر الله تعالى الاستفتاء بمعنى السؤال قال سبحانه : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ)(55)، وقال سبحانه : فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُون)(56)، فعلم من هذا أن اصطلاح (الفتوى والفتيا والإفتاء والاستفتاء) للمسائل الفقهية هو اصطلاح حادث لا يفسّر به القرآن ، والله أعلم .
4 -أما قول الإمام مالك رحمه الله فهو محمول على عدم التعجل في تعبير الرؤيا والتلاعب في ذلك ، وأما أن يجتهد الشخص في تعبير الرؤيا استناداً لما تدل عليه من رموز دون أن يجزم بذلك أو يُشعر الرائي أنه من أهل التعبير فلا يظهر المنع منه ، يدل لذلك حديث ابن عباس كما تقدم كما يمكن الاستدلال له بقول الملك في قصة يوسف عليه السلام: ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون) ولم ينكر يوسف عليه السلام سؤال الملك عن رؤياه عامةَ الناس .
والحاصل من هذا أن إطلاق أن من عبر من قبل نفسه رؤيا كمن أفتى في حكم من قبل نفسه إطلاق غير صحيح ، والله أعلم .
هذا آخر ما خطه القلم في هذه المسائل المتعلقة بالرؤيا سائلاً الله تعالى أن يكون قد ألهمني الصواب فيها وأن ينفع بها كاتبها وقارئها ، وما كان من صواب فمن الله وما كان غير ذلك فأنا حري بالخطأ.
والله أعلم وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .


(1)-متفق عليه : البخاري (7017،6988) ، مسلم (2263) .
(2 )- 12/405 .
(3) - برقم(2291) .
(4 )- متفق عليه : البخاري(4936) ، مسلم (2950) عن سهل بن سعد رضي الله عنهما ، وكذلك أخرجه البخاري(6504) ، ومسلم (2951) عن أنس ، وأخرجه البخاري(6505) أيضا عن أبي هريرة ، ولابن حجر في شرح هذا الحديث كلام مهم في مناقشة من أخذ منه عمر الأمة أو أخذ ذلك من نصوص أخرى .
(5 )- البخاري(601) ، مسلم (2537).
(6)- مع العلم أن من العلماء من خص آخر الزمان في الحديث بالطائفة الباقية مع عيسى عليه السلام ، قال : لأنهم أحسن هذه الأمة حالا بعد الصدر الأول وأصدقهم أقوالا . انظر الفتح12/406.
(7 )- البخاري(2015) ، مسلم (1165) .
(8)- الفتح (4/302) .
(9 )- الفتح (12/ 397) .
(10 )- القصة مشهورة مخرجة عند الإمام أحمد (16042) ، وأبي داود (498) ، والترمذي مختصرة (189) وقال حسن صحيح . والحديث صححه البخاري .
(11)-برقم (19773) كما أخرجه مختصرا ابن ماجه (2109)، والدارمي (2583 ) ورواته ثقات .
(12 )- أخرجه مسلم (2263) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ونصه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة والرؤيا ثلاثة فرؤيا الصالحة بشرى من الله ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا مما يحدث المرء نفسه "، وقد أخرجه البخاري أيضا (7017) ، ولكن لم يجزم برفع هذا التقسيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
(13)- آية (4) من سورة يوسف .
(14)- 12/376 .
(15)- روى البخاري (2622) ومسلم (2272) عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع المؤمنين ورأيت فيها بقرا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أحد وإذا الخير ما جاء الله به من الخير وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر .
(16)- آية (43) من سورة يوسف .
(17)-أخرج البخاري(7046) ، ومسلم (2269) عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أرى الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل فأرى الناس يتكففون منها بأيديهم فالمستكثر والمستقل وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض فأراك أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل من بعدك فعلا ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل له فعلا قال أبو بكر يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فلأعبرنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعبرها قال أبو بكر أما الظلة فظلة الإسلام وأما الذي ينطف من السمن والعسل فالقرآن حلاوته ولينه وأما ما يتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القرآن والمستقل وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله به ثم يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به فأخبرني يا رسول الله بأبي أنت أصبت أم أخطأت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبت بعضا وأخطأت بعضا قال فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت قال لا تقسم .
(18)- الآيات (43-49) من سورة يوسف .
(19) البخاري(2015) ، مسلم (1165) .
(20)- آية (18) من سورة لقمان .
(21)- انظر : الموافقات (2/457) .
(22)-ثبت ذلك في أكثر من حديث ، منها حديث عبادة بن الصامت عند البخاري(6987) ، مسلم (2264) ومنها حديث أبي هريرة عند البخاري(6988) ، مسلم (2263) ومها حديث أبي سعيد عند البخاري(6989) ، وحديث أنس عند البخاري(6983) .
(23)-كما في حديث ابن عمر عند مسلم (2265).
(24)- آية (3) من سورة المائدة .
(25)- كما قال ابن عربي صاحب الضلالات والخرافات : " إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرةٍ رؤيا أريتها في العشر الأواخر من المحرم سنة 627 هـ بدمشق، وبيده كتاب ، فقال : هذا كتاب (فصوص الحكم) ، خذه واخرج به إلى الناس" .
(26)- ثبت ذلك في أكثر من حديث ، منها حديث أبي هريرة عند البخاري(110) ، مسلم (2266) ومنها حديث جابر عند مسلم (2268) ومها حديث أبي سعيد عند البخاري(6997) ، وحديث أنس عند البخاري(6994) .
(27)- الفتح (12/386) .
(28)- انظر : الاعتصام (1/260) .
(29)- شرح الزرقاني (2/101) من طريق كتاب المهدي وفق أشراط الساعة ، ص(331) .
(30)- انظر : الاعتصام (1/1260) .
(31)- (3/497-500) ،ومثل ذلك ما في الروح ص136، وإعلام الموقعين 1/84 كلاهما لابن القيم .
(32)- آية (64) من سورة يونس .
(33)- (27/457) .
(34)-1/482 .
(35)-5/352 .
(36)- البخاري(6990) .
(37)-مسلم (479) .
(38)-أخرجه الإمام أحمد (13412) والترمذي (2272) وقال : وفي الباب عن أبي هريرة وحذيفة بن أسيد وابن عباس وأم كرز وأبي أسيد قال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث المختار بن فلفل .
(39)- برقم (26600) .
(40)- برقم (3896) .
(41)- برقم (23283) .
(42)- برقم (24456) .
(43)- في البخاري(5756) ، ومسلم (2224) عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل قال قيل وما الفأل قال الكلمة الطيبة .وكذا أخرجاه من حديث أبي هريرة البخاري(5717) ، مسلم (2223) .
(44)- الفتح (12/375) .
(45)- في البخاري(7131) ، مسلم (2933) عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال الدجال مكتوب بين عينيه ك ف ر أي كافر .وعند مسلم (2934) عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تأجج فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب .
(46)- سورة الأنفال : الآية (60) .
(47) -انظر كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص165-219 ، فهذه أكثر من خمسين صفحة أتحدى من ينزل
السفياني على صدام أن يثبت من خلالها ذلك ؛ بل أن يخرج بصورة واضحة لما يسمى بالسفياني .
(48)- وهذا ينطق على المهدي فقط أما السفياني فالظاهر على فرض ثبوته أنه ليس من أهل الصلاح وكذلك الذي يسوق الناس بعصاه ليس في النصوص ما يدل على صلاحه حتى يتبع وينصر .
(49) سورة المائدة ، الآية (2) .
(50)- سورة الأنعام: الآية (108) .
(51)- آية (41) من سورة يوسف .
(52)- آية (43) من سورة يوسف .
(53)- آية (46) من سورة يوسف .
(54)- التمهيد1/288 ، وفي المنتقى للباجي 7/277 : سئل مالك عن رجل يعبر الرؤيا لكل أحد ؟ قال : أبالنبوة ....الخ .
(55)- سورة الصافات : الآية (11) .
(56)- سورة الصافات : الآية (149) .

إرسال إلى صديق طباعة أضف تعليق حفظ

تعليقات الفيسبوك

الآراء المنشورة لاتعبر عن رأي موقع الإسلام اليوم أو القائمين عليه.
علما بأن الموقع ينتهج طريقة "المراجعة بعد النشر" فيما يخص تعليقات الفيسبوك ، ويمكن إزالتها في حال الإبلاغ عنها من قبل المستخدمين من هنا .
مساحة التعليق تتسع لمناقشة الأفكار في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
  • - الهجوم على أشخاص أو هيئات.
  • - يحتوي كلمة لا تليق.
  • - الخروج عن مناقشة فكرة المقال تحديداً.

تعليقات الإسلام اليوم

التعليقات

  1. 1 - علي الغافري
    مساءً 08:11:00 2009/12/28

    من الاكيد بأننا نعيش مرحلة ماقبل نهاية الدنيا, وقد أنتهت أشراط الساعة الصغرى ومازالت تستحكم في أيامنا هذه , ولكن أشراط الساعة الكبرى لها شروطها أيضا ولايجوز أن نضع أوقاتها بشكل تعسفي , فهذه شروط يارعاكم الله أن بدءت أو أمامها وقت طويل للظهور فماغايتكم من هذا كله ؟؟؟ فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وأرجعوا عن غيركم يامن قصر في حق الله ولم يعبده حق عبادته , فالدنيا دار أمتحان وأبتلاء وسط عمر لايتعدى الستون أو السبعون سنه , وليس أمامنا غير دار الحق ومن ثم النشور , فعندها ماذا نقول لله الواحد القهار؟؟؟؟ تحياتي لمن يحسب والملك الديان يحصي أنفاسه وأيامه ....

الصفحة 1 من 1