بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: لم يكن استحقاق الذين صلبوا من ظنوه المسيح عليه السلام الغضب واللعنة لهذا الذي فعلوه فحسب، بل لهم أجناس عديدة من الظلم والشنائع العظيمة، ولهم من كل جنس أفراد عديدة من الأفعال، ومن هذه الأجناس قتل الأنبياء، وقد قتلوا عدداً من الأنبياء، قال الله فيهم:" فَبِمَا نَقْضِهِم مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً" [النساء: 156 -157] إلى قوله:" فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ "[النساء: 160-161].
ثانياً: إذ كانوا قد هموا بقتل المسيح عيسى ابن مريم رسول الله نفسه عليه السلام، وصلبه بعد قتله، وأعدوا لهذا عدته، وأتوا بمن ظنوه هو عليه السلام ونفذوا مرادهم فيه، ولم يشكوا أنه هو، بل اعتقدوا أنهم قتلوه هو عليه السلام وصلبوه، ولا يزال أتباعهم يعتقدون ذلك إلى يومنا هذا. إذا كان ذلك كذلك فلا أدري أي منطق في الوجود يبرئهم من الخطأ؟!! إن مجرد الهم بقتل نبي سيئة.