الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمعجزة عيسى -عليه السلام- في ولادته بدون أب، وكل معجزات الأنبياء -عليهم السلام- ستظل معجزات أبد الدهر، لا يمكن للبشر أن يصلوا إلى مثلها بالطريقة التي حصلت بها، والولادة التي هي نتيجة التلقيح ليست من المعجزات، حتى ولو عن طريق الاستنساخ؛ لأنها نتيجة لاجتماع خلايا ذكرية، وأنثوية.
أما عيسى عليه السلام فلم يحصل فيه ذلك، أي اجتماع هذين النوعين من الخلايا، وإنما حصل بأمر الله، وهذا هو الأمر المعجز الذي لا يمكن تكراره بالأسلوب نفسه من البشر، وأعجب منه خلق آدم عليه السلام، فإنه خلق من غير أب ولا أم، وهذا ما ذكره الله في كتابه الكريم: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" [آل عمران:59].
والتلقيح بين الذكر والأنثى، أو بواسطة الخليّة في الاستنساخ، ما هو إلا سبب لا يترتب عليه حصول الإنجاب ما لم يقدّر الله حصوله، وعلى ذلك فمرد الأمر كله لله إن شاء خلق من غير أب ولا أم كما في آدم، أو من أم بدون أب كما في عيسى، أو من أبوين كما في بقية البشر، ولكن المعجزات أمور لا يستطيعها البشر بحال من الأحوال. وبالله التوفيق.