بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من نعم الله علينا أن جعلنا أمةً وسطا، ليس في العبادات فقط، وإنما في المعاملات والمشاعر والأخذ والعطاء وكل أمور الحياة، فإذا ما حدث خلل أو نقص في شيء ما، لم نجزع ونفقد الكثير من توازننا في التعامل حينها مع ما استجد من أمور.
حياكِ الله أختي الكريمة
أكثر ما استوقفني في رسالتك تفكيرك بالانتحار، لماذا؟ هل الحياة هينة لهذه الدرجة، وهل نفرط فيها ونحن مؤتمنون عليها لأجل شخص ما أيً كان هذا الشخص ومهما كانت مكانته عندنا، ومهما وقع منه؟
كذا التفكير بالانفصال مع أول مشكلة، فماذا عن القادم من السنوات وما قد تحمل من مفاجآت.
طريقة تفكيرك تعنيني قبل أي شيء، فبصلاحها يمكنك مواجهة أي مشكلة في هذه الحياة سواء تمكنت من حلها على الفور، أو فرض الزمن نفسه ليكون جزءًا من العلاج، وسواء تم حلها بشكل جذري أم لا، لأنه مهما منحكِ الآخرون من طرق وحلول لعلاج المشكلات، تبقى طريقة تفكير صاحب المشكلة، ونفسيته ودرجة توازنه، عامل أساس في استيعاب المشكلة وكيفية التعايش مع الحل المطروح ليحصل على أكبر قدر ممكن من النتائج الإيجابية، لذا نجد هنا التوجيه القرآني "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم".
جزء من حل المشكلة يقع عليك، وهو مطالب بالقيام بما عليه، ولا شك، من وقفة مع نفسه ليراجع فيها أفعاله، وحسناً أنك صارحتيه بانزعاجك من أفعاله هذه، ولا تتوقفي عن ذلك، ولكن ليكن من حين لآخر وبهدوء.
لا تتركيه ينام بمفرده مهما ادعى من أسباب، ومهما حاول التهرب منكِ، وأذكرك أن منطلق الكرامة هنا قوله تعالى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ومن الكرامة والتقوى هنا السعي للحفاظ على هذا البيت وهذه الأسرة، وأفهميه أن حاجتك للقرب منه ولمسك وما يصاحب ذلك من تبادل لمشاعر الحب والرومانسية أمر ضروري، وأهم بكثير من قضاء وطرك منه، وإن لم يقم هو بهذا فمن؟! وأن حرمانك من هذا التواصل العاطفي بعد قضاء الشهوة يؤثر عليك ولا يشعرك بالإشباع العاطفي، وأرجو ألا يكون لديكِ سوء فهم للحياء يمنعك من التعبير عن ذلك بكل صراحة والتأكيد عليه كحق مشروع لكِ.
لا تتركي البيت لفترات طويلة، وحاولي إشغاله بأمور البيت الداخلية والخارجية، من شيء يحتاج لإصلاح، وقضاء طلبات، حاولي استكشاف هواياته وساعديه ليمارسها ووفري له الجو المناسب لذلك، قومي بدعوة الأهل والأقارب إلى البيت كنوع من التجديد وليخرج من هذه العزلة الوهمية شيئاً فشيئًا، ضعي في سيارته وفي أماكن متفرقة من البيت شرائط وكتبًا عن تنمية الذات، علو الهمة، اكتشاف الطاقات، صناعة النجاح...الخ
إن لم يتحسن الأمر، صارحي أحد والديكِ أو إخوتك الكبار ممن يتميز بالحكمة والهدوء ليفاتحه في هذا الأمر وعدم إحساسك بالراحة معه على هذا النحو، ولا تترددي في هذه الخطوة.
وكما هي عادتك، استمري في حرصك على زينتك ومظهرك، قوي صلتك بالله تعالى وتضرعي إلى الله بالدعاء أن يغفر ذنبه ويحصن فرجه و يطهر قلبه، واشغلي نفسك ببعض الأعمال المفيدة، ولا تتركي نفسك نهباً للأفكار السلبية، ولا تتخذي قرارًا آخر دون الرجوع إلينا.
أسال الله تعالى أن يوفقك ويثبتك ويهدي زوجك، ويرزقكما السعادة في الدنيا والآخرة.