الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
توجد طبيعة مميزة لكل إنسان في استقبال المؤثرات الخارجية، وفي الوقت نفسه في رد الفعل السلوكي تجاه هذه المؤثرات.
فيوجد لدى البعض ردود أفعال عدوانية أو عنيفة تجاه أي موقف لا ترضاه الشخصية، وهذه من أفضل الردود السلبية وأقلها خطورة وخاصة على الشخص، وإن كانت غير متقبله من الآخرين.
وتوجد ردود أفعال أخرى من بعض الأفراد، وهي ردود سلبية، وتعكس كل الإحباطات والعوامل السلبية الخارجية في داخلها، وتحولها إلى كبت مخزن يكون له فيما بعد نتائج سلبية.
وهذا ما يحدث مع الأخت الفاضلة صاحبة المشكلة.. حيث من الواضح أنها عاشت إحباطات كثيرة في مرحلة الطفولة وبداية المراهقة، في حين أنها يحدث منها أي ردود أفعال خارجية، وعندما أرادت أن تنفس عن هذه الإحباطات كانت محاولتها ذاتية، بحيث إنها أصبحت تعزل نفسها في غرفتها، وتحدث نفسها وتفتح حوارات وهمية مع نفسها.
وطبعا كل هذه السلوكيات غير صحية، لأنها تخرج عن إطار الواقع، والمرجعية فيها ذاتية وتعتمد على الخبرات الشخصية، والرصيد المعرفي والتاريخ النفسي، وبالتالي لا تخرج من هذه الحوارات بحل واقعي، إلا الهروب لبعض الوقت ثم العودة وهكذا..
العلاج:
يكمن العلاج فيما يلي:
أولا: معرفة الذات، ومعرفة ما يؤثر فيها وما يحدث فيها من إحباطات..
ثانيا: معرفة القدرات وأهم ما يوجد لديك من مهارات حتى تصلي إلى مستوى من تقدير الذات والشعور بالرضا عن النفس.
ثالثا: في حالة الشعور بالإحباط أو الفشل ينبغي وجود تفسيرات أو تأويل واقعي لهذا الإحباط، مع استخدام قاعدة التبرير أو التماس الأعذار.
رابعا: في حالة العجز عن التعامل مع هذه المواقف ذاتيا أرجو البحث عن صديقة جيدة تحكي لها وتتكلمي إليها وتلتمسي منها النصيحة، فإن لم تجدي يمكن أن تسألي أهل التخصص من الدين أو من العلاج النفسي.
خامسا: أرجو شغل وقت الفراغ جيدا، ولا تتركي نفسك للوساوس أو حديث النفس الذي لا ينتهي.
سادسا: أن يكون لديك مناعة شخصية لمواجهة هذه السلوكيات، ومن هذه المناعات القدرة على التحكم في التفكير، والقدرة على كف السلوكيات السلبية، والقدرة على التعامل مع الأزمات.
سابعا: الحرص على الاختلاط بالآخرين في أكثر الأوقات، والتحدث والاستماع للآخر، ولا تتركي نفسك للانسياق وراء حديث النفس لفترات طويلة.
ثامنا: أن تحرصي على التفكير والتخطيط بالورقة والقلم حتى لا تكون تفكيراتك على شكل أحلام يقظة...
تاسعا: أن تسعي إلى التخلص من الضغوط السلبية التي عشت تحت ضغطها، مع التدريب الدائم على التفكير الواقعي.
عاشراً: أن يكون لك جدول لمتابعة نفسك، وتحفيز نفسك على السلوكيات الجديدة، والقدرة على منع نفسك في السعي وراء الحوارات الوهمية.
وفي الختام اعلمي بأنه كلما تسرعين في التدريب على هذه السلوكيات السابقة مبكرًا كان خيرا لك... وكلما تتأخرين، يكون احتياجك فيما بعد لطلب العلاج النفسي واجبًا..
فما عليك إلى أن تتوكلي على الله تعالى، وتطلبي منه العون سبحانه على أن يمنحك القوة والصبر والإيمان على أن تجتازي هذه المشكلة، وتكوني بعدها في أحسن صحة وأحسن حال...
وأرجو من الله تعالى أن يحقق للجميع السعادة والأمن والإيمان...