الفهرس خزانة الاستشارات استشارات دعوية وإيمانية أساليب الدعوة الصحيحة دعوة الأقارب والأصدقاء

إرسال إلى صديق طباعة أضف تعليق حفظ
العنوان

معالجة الخطأ بالخطأ

المجيب
مستشار مجموعة صناع الحياة في مكة
التاريخ السبت 22 جمادى الآخرة 1428 الموافق 07 يوليو 2007
السؤال

نحن نعيش في دولة أوروبية مع بعض الأقارب، ولدي إحدى قريباتي (ابنة عمتي) لاحظنا عليها تصرفات غير حميدة, مع زوج عمتي الأخرى، وبما أنهم لا أحد منهم يتبع شرع الله والله المستعان، فقلنا يمكن أن تكون هذه التصرفات أمراً عادياً عندهم، وقبل شهور اكتشفت عمتي بعض الصور واللقطات الفاضحة غير الجائزة في جوال زوجها, وهي عبارة عن صور ولقطات لابنة عمتي الأرملة، وبعد مناقشات ومواجهات قيل كانا إنهم متزوجين في السر, وبعد ذلك قالوا: لا يوجد أي شيء يربطهما فعمتي كانت تنكر في البداية أي علاقة, ثم بعدها دافعت عن ابنتها بأنهما متزوجان, وبما أنها امرأة كبيرة في السن وتعرف شرع الله فقد قاطعناها أنا وزوجي فقط من أجل هذا, لكن منذ أيام قررنا أن نذهب لزيارتها لوجه الله، من غير أن نفتح أي موضوع معها، لكنها عن طريق ابنها رفضت أن تستقبلنا, فماذا علي الآن تجاه عمتي الكبيرة هذه؟ هل أعاود المحاولة من جديد أم أذهب لزيارتها من غير أن أبلغها مسبقا؟ علماً أنها بعد أن رفضت استقبالنا, قال زوجي: لن أذهب لزيارتها مرة ثانية ولو وافقت. أرجو إفادتي لو سمحتم ثم بسبب ما فعلته ابنة عمتي الأرمله مع زوج خالتها أيضا قاطعناها أنا وزوجي, فهل في هذا أنا مخطئة؟ علماً أنها كانت تقول دائما إنني لست مخطئة ولم أذنب مع فضح ونشر صورها الفاضحة.
كما أن عمتي الذي فعل زوجها ما فعل مع ابنة عمتي الأرمله, قالت إنها ستطلق منه, وكانت غاضبة جدا جدا منه، ولا أعرف هل تم فعلاً الطلاق أم لا؟
وبعد الموضوع بشهور, قاطعتنا عمتي هذه, وعلمنا من أولاد عمتي أن عمتي هذه أرجعت زوجها للبيت, بعد أن ترك ابنة عمتي الأرملة، وزوجي من يومها يقول: لا أريد أن أرى عمتك هذه، ولا أن تأتي لبيتنا، ولا أريد أن نكون على اتصال بها, لأنها أرجعت شخصاً عاصياً ومذنباً وزانياً، ومن غير أن تستشير أي شخص في العائلة، فهل زوجي محق في أننا نقاطع عمتي هذه لأنها أعادت زوجها للبيت؟ أرجو أن ترشدونا وتنصحونا لحل هذه المشكلات.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي السائلة أسأل الله أن يهديك وأهلك أجمعين إلى جادة الحق، وقبل أن أجيب على أسئلتك أريد الوقوف على نقاط هي:
أولا: أن الشرع ما جاء بأمر إلا وفيه الخير الكامل لنا، وإذا ابتعدنا عنه أصابتنا المصائب، ولذا كان من الواجب في الدين حجب النساء عن الرجال غير المحارم لهم، بل وأكثر من ذلك التفريق في المضاجع بين الإخوة، فإذا التزمنا بذلك –والله- زالت عنا مشكلاتنا.
ثانيا: إن في الدين حقوقا وواجبات لا تزول بالمعاصي، بل لا تزول حتى بالكفر، فقد قال تعالى عن الوالدين الكافرين: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان:15] إذن من هذه الواجبات صلة الرحم التي لا تنقطع حتى بكفر أحد الأرحام، ولكم في قصص الصحابة أمثلة كثيرة.
أعود إلى سؤالك فنجد أن المسالة كلها تدور على شك وإنكار وكلام غير ثابت، مع وجود مؤشرات تدل على صحته، ولذلك أقول:
لا نستطيع وصف إنسان بصفة فيها حد شرعي مثل القذف إلا إذا كان لدينا بينة من شهود أو إقرار من الجاني، وفي زماننا هذا الصور وحدها لا تكفي لتكون بينة؛ لإمكانية تزييفها بسهولة، فإذا كنت أختي الكريمة لا تملكين بينة مما ذكرنا فعلام ترتكبون ما هو أعظم من الصور الفاضحة وهو قطيعة الرحم، وأفضل من مقاطعة ابنة عمتك الأرملة وأمها أحسنوا التعامل معهن في دعوتهن إلى الخير وتحبيب الالتزام بالدين إليهمن، وأنصح بزيارتها حتى وإن رفضت استقبالكم فابدؤوها بالمصالحة واحتسبوا أجركم عند الله، واتصلوا بها هاتفيا، وزوروها زيارات قصيرة حتى من غير ميعاد.
وأما بالنسبة لزوجك فذكريه بالله، وأن يرفع مراد الله فوق مراد النفس والانتصار لها من الرفض الأول، وأن الله لا يزيد إنسانا بعفو إلا عزاً، وأن ابنة عمتك لم يثبت عليها شيء، فإذا كان لا يجوز مقاطعتها حتى وإن ثبت عليها شيء فمن باب أولى أنه لا يجوز مقاطعتها لمجرد الشك، وإذا كانت ذات سلوك ظاهر أنه غير سوي فيمكن تجنب الإكثار من مجالستها ولكن ليس المقاطعة، وبالنسبة لعمتك الأخرى ورجوعها إلى زوجها فهذا شان فيه ملابسات لعل أكثرها وضوحا أن المسالة كلها قائمة على شكوك وصور، وقد بينت ذلك سابقا.
ثم اعلمي أختي أن العلاقات بين الزوجين هي من أكثر أنواع العلاقات التي تحمل المفاجآت، ولقد رأينا حالات كثيرة يجزم المطلع عليها أنه يستحيل رجوع الزوجين إلى بعضهما، ثم نتفاجأ بعودتهما إلى بعضهما من دون تدخل أهل الصلح، ولذا فلا أستغرب عودة عمتك إلى زوجها. أما بالنسبة إلى مقولة زوجك بأنه لا يريد أن يرى عمتك ولا زوجها بحجة أن عمتك رجعت إلى إنسان عاصٍ، فهل يا ترى زوجك يعلم توبة زوج عمتك من عدمها؟ وثانيا أليس ذنب القطيعة أكبر من إرجاع عمتك لزوجها إلى البيت دون استشارة أحد في العائلة؟. أختي أبلغي زوجك أن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه، وإذا تحدثنا عن اضطراركم لمقابلة زوج عمتكم هذا وأنتم على شك هل تاب أم لا، فكيف تقابلون وتسلمون وتتعاملون مع أوربيين كفار يعاقرون الخمر ليلا ونهارا، ويزنون سرا وجهارا، ولكنهم زملاء في العمل الذي تعملون فيه، والحي الذي تسكنون فيه، وفي الحافلة التي تستقلونها، وفي القطار الذي تركبونه، فإذا قارنا زوج عمتكم بهم فإنه يعتبر ملاكا، ويكفي أنه مسلم وأن قبولكم له ومناصحتكم له أدعى لأن يقبل النصح منكم، ولعل الله يجعل هدايته على يديكم، واعلموا أن الإنسان العاصي بحاجة إلى لين في النصح، فقد قال الله لنبيه موسى وأخيه هارون "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى". فتأملوا بكل طغيان فرعون أمر الله باللين معه، فمن باب أولى اللين مع من عصى وأذنب من المسلمين، واعلموا أنكم في ديار غربة عن الدين، وبحاجة إلى لم الشمل والتكاتف والتجمع، لا إلى التقاطع. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

تعليقات الفيسبوك

الآراء المنشورة لاتعبر عن رأي موقع الإسلام اليوم أو القائمين عليه.
علما بأن الموقع ينتهج طريقة "المراجعة بعد النشر" فيما يخص تعليقات الفيسبوك ، ويمكن إزالتها في حال الإبلاغ عنها من قبل المستخدمين من هنا .
مساحة التعليق تتسع لمناقشة الأفكار في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
  • - الهجوم على أشخاص أو هيئات.
  • - يحتوي كلمة لا تليق.
  • - الخروج عن مناقشة فكرة المقال تحديداً.